كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 7)

يَعْدِلُونَ (60)، (النمل: 60) .. ثم ارجع عقلك مرتين واسأل نفسك، كيف يمكن أن نسير بمسيرة التطور العلمي لنكتشف أمورا هي أصلا مخزونة فينا وفيما حولنا، فمن الذي فعل كل ذلك إذن؟. ف سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ ومِنْ أَنْفُسِهِمْ ومِمَّا لا يَعْلَمُونَ (36)، (يس: 36).
الماء والتربة وأثرها:
معلوم ما للماء من أهمية في حياتنا كما سبق وأن فصلنا في الكتاب السابق من هذه السلسلة، فهو القاسم المشترك الأعظم في كل العمليات الحياتية التي تحدث داخل جميع الكائنات والتي يختص بها علم الكيمياء الحياتية ( biochimistry)، ومن هذه الحقيقة العلمية التي اكتشفت حديثا يتجلى قوله تعالى وجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ .. ، (الأنبياء: من الآية 30). وهو شرط أساسي لحياة الأحياء من البشر والحيوانات والنباتات ...
وتأمل معنا الماء الذي يشكل 65 خ من وزن الجسم، 82 خ من الكلية، 20 خ من العظام، 83 خ من الدم، 75 خ من الدماغ، 57 خ من العضلات، كما أنه يشكل نسبة 70 إلى 85 خ من المادة السائلة في الخلية الحية (البروتوبلازم)، فلا بروتوبلازم بلا ماء، ولا حياة بلا بروتوبلازم. ووظائف الماء في جسم الإنسان والحيوان أكثر من أن تحصى:
أ - فهو مذيب جيد وخاصة الماء الموجود في الدم الذي يذيب الأوكسجين الضروري للتنفس. ويعتبر معلقا جيدا « Suspending agent» للمواد العضوية.
ب - يشارك كثيرا في التفاعلات الكيميائية.
ج - يمتص ويحرر الحرارة ببطنه لذلك فهو يساعد على المحافظة على درجة حرارة الجسم. وتأمل معنى قول اللّه تعالى: واللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ ومِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ ومِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45)، (النور: 45).
وللماء في كيمياء النبات أمرا عجبا، فقد تظل البذرة في التربة سنوات عدة لا تنبت ولا تتحرك إلى أن ينزل عليها الماء فتبدأ العملية العجيبة (عملية الإنبات)، وهو ما أشار له القرآن في موضعين:
وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ ورَبَتْ وأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ

الصفحة 12