كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 7)

إن هذه العمليات تحدث في درجات الحرارة الاعتيادية (25 - 30 م o )، ولكننا إذا أردنا إجراءها في المختبر فإننا نحتاج إلى من يقوم بإجرائها من مهندسين وفنيين يربو عددهم على المئات، بالإضافة إلى الماء الساخن والمبردات والمكثفات والترمومترات وغيرها. وعموما فإننا سنحتاج إلى مصانع ذات ضجيج عال تتصاعد منها الأبخرة السامة لتنفيذ مثل هذه الأعمال، بينما تتم العملية في النبات بهدوء ورقة وروعة عجيبة طالما وقف العلماء أمامها متعجبين محتارين.
تحتاج البذرة إلى فترة من السكون بعد نضجها حتى تصبح قادرة على الإنبات، وتختلف هذه الفترة من برهة قصيرة إلى عشرات السنين وحسب نوع النبات. ولو لا فترة السكون هذه لنبتت أنواع من البذور في الحقل وهي ما زالت على النبات الأم قبل الحصاد، أو نبتت أثناء إجراء العمليات اللاحقة لفصل البذور عن النبات الأم في الأماكن المخصصة لذلك) «1».
لو لاحظنا أن آيات القرآن الكريم قد ركزت مرارا على أهمية المطر في إحياء الأرض الميتة، ولكن هناك حقيقة علمية مهمة توصل لها العلم الحديث كان القرآن الكريم قد سبقه بها، وهي قوله تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ (70)، (الواقعة). ومعنى أجاجا المر اللاذع، وقوله تعالى لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ (70)، أي أننا نستطيع أن نجعله مرا لاذعا لا يستساغ لو أردنا ذلك. وقد تم منذ وقت قريب معرفة حقيقة علمية تتعلق بعلم الأنواء الجوية وحركة الرياح والسحب والرعد والبرق، وهي أن النتروجين في الجو يتفاعل مع بخار الماء الموجود في السحب ليشكل مركب ( HNO 2)، وهذه العملية تتم بواسطة شرارة كهربية مقدرة تقديرا إليها محسوبا بدقة لا يقبل الخطا عند التقاء السحب الرعدية المختلفة الشحنة، فينزل هذا المركب فيكون سمادا مهما للتربة والنبات. وهذه الشرارة الكهربية إذا زادت أو نقصت اضطربت نسبة هذا المركب في المطر النازل وأدى إلى ضرر في النبات والتربة،
______________________________
(1) الإشارات العلمية في القرآن الكريم بين الدراسة والتطبيق، د، كارم السيد غنيم، ص 345 - 348، بتصرف.

الصفحة 14