كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 7)

بعد نزول الماء عليه، فإن عملية إحياء الموتى تشبه هذه العملية، ولكن مع تفاصيل بيولوجية - كيميائية أخرى.
المتدبر للآيات السابقة يجد فيها تشابها واضحا، قيل أن معناها أن اللّه تعالى خلق في الأرض من جميع الثمرات زوجين زوجين ثم تكاثرت بعد ذلك وتنوعت، وقيل ضربين وصنفين إما في اللون أو في الطعم كالحلو والمر أو في القدر كالصغير والكبير أو في الكيفية كالحار والبارد وغير ذلك. والآيات المتشابهة بهذا المعنى في القرآن صريحة في كل الأوجه السابقة ولا تضاد ولا تدافع في ذلك، لأن إيجاد اللّه تعالى أحدهما قبل الآخر لا ينافي توقف التكاثر على إيجاد الآخر لاستكمال الحكمة ثم التزاوج كما يحمل على المعنى الحقيقي يحمل على المعنى الاعتباري أيضا، فأحدهما إشارة والآخر عبارة. وإن من وجوه إعجاز القرآن احتماله لمعان شتى، يأخذ السامع منها ما أحب، فالاعتباري كالألوان والطعم، والحقيقى ما كان حاويا على أعضاء التذكير والتأنيث أو الاثنين معا في النبات كما ثبت حديثا وما يتبع ذلك من أمور التلاقح بينهما بواسطة الرياح أو الحشرات. ومن حكمة اللّه تعالى اختلاف ألوان الزهور حسب ائتلاف الحشرات الناقلة للطلع لتلك الألوان، بل أن هناك من الزهور ما يذبل في أوقات معينة ليناسب الحشرات التي تنتشر في تلك الأوقات، ولئلا تتعدى حشرة على طعام غيرها من الحشرات فتحرمها رزقها، وكل ذلك يجري بتقدير ونظام لا يمكن استيعابه في كل الأماكن والمواسم إلا من لدن حكيم خبير «1».
تشابك النبات:
يقول اللّه تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ والَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ ورِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ ومَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وأَجْراً عَظِيماً (29) (الفتح: 29).
هذه الآية المباركة نزلت في تعظيم شأن الإسلام دينا ونبيا وصحابة، فهم كالزرع
______________________________
(1) الإيجاز في آيات الإعجاز، (الطبيب الشيخ محمد أبي اليسر عابدين رحمه اللّه تعالى)، طبع دار البشائر، دمشق، سوريا وهو من مطبوعات مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدبي، 1419 ه - 1999 م، ص 117 - 122، بتصرف.

الصفحة 20