كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 7)
لأنها تقطع المدد وتنقص العدد وهي مؤنثة وتكون واحدة وجمعا، والمن المنا وهو رطلان والجمع أمنان والمن كالترنجبين، وفي الحديث (الكمأة من المن) .. قال الأزهري وقال الزجاج: المن كل ما يمن اللّه تعالى به مما لا تعب فيه ولا نصب وهو المراد في الحديث وقال أبو عبيد المراد أنها كالمن الذي كان يسقط على بني إسرائيل سهلا بلا علاج فكذا الكمأة لا مئونة فيها ببذر ولا سقي) «1». أما في المعاجم الحديثة فيقول الأمير مصطفى الشهابي في معجمه: (المن والندوة العسلية: حشراتها وإفرازاتها تعرف في مصر، أما في الشام فهي الأرقة، وهي فصيلة من رتبة نصفية الأجنحة، وهي في المعاجم آفة الزرع والناس كالأرقان وغيره. أما المن عند العامة فهي تلك المادة اللزجة الحلوة التي تفرزها هذه الحشرات، سموها منا تشبيها لها بالمن المشهور الذي تفرزه بعض النباتات، ثم سموا الحشرة نفسها منا اختصارا ... ثم يضيف في مكان آخر: المن مادة راتنجية صمغية حلوة تفرزها بعض الأشجار كالإثل .. قيل أنه طل ينزل من السماء على شجر أو حجر فينعقد ويجف جفاف الصمغ، وهو حلو يؤكل) ... بينما يقول الأستاذ عبد السلام هارون - رحمه اللّه - في معرض شرحه لحياة الحيوان للجاحظ: (الترنجبين - بفتح التاء وضم الجيم وفتحها - وقد يكون الطرنجبين، وهو مادة تتجمع فوق بعض النباتات شبيهة بالعسل. وهذا لفظ فارسي وأصله ترنكبين، ويعني العسل المندى بالعربية، فالكلمة مركبة من - تر - أي المندى، و - انكبين - بمعنى العسل. ثم يقول رحمه اللّه: المن لفظ أصله عبري، وينص على ذلك سفر الخروج في النسختين العربية والعبرية، ومنه أخذت العربية والإنجليزية - Manna - والفرنسية - Manne - ).
المن علميا
يمكن أن نشرح للمن في العلم الحديث معنيين، أحدهما أنه نبات كان ينبت لبني إسرائيل دون رعاية منهم له أو بذل مجهود في زراعته، بل يخرج ليجمعوه ويأكلونه تعويضا لهم عن الخبز. وهناك من العلماء من شاهد المن وهو إفراز نباتي يخرج من الأشجار، فيجمعه الناس ويأكلونه، وقد جرب بعض الناس هذا واستحسنوا طعمه، وقد أطلق لفظ المن على مجموعة من الحشرات تقوم بطرحه من أجسادها إثر امتصاصها
______________________________
(1) الرازي، مختار الصحاح، ص 265.