كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 7)

إذابة جلد الإنسان - وهو ما ترويه لنا قصة هذا النبي الصابر عليه السلام التي جاءت في القرآن الكريم، نجد أن في هذه القصة سبقا علميّا نباتيّا من نوع آخر، إذ يقول اللّه تعالى في سورة الصافات:
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وهُوَ سَقِيمٌ (145) وأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (148).
واليقطين لغة هو نبات القرع.
فبعد معاناة شديدة لسيدنا يونس عليه السلام من نقص الأوكسيجين وظلمة بطن الحوت وحرارته وأ لم سلخ الجلد جراء الإفرازات المعدية للحوت فضلا عن ما دخل في جوفه من هذه الإفرازات ناهيك عن الرعب والحالة النفسية التي تصاحب تلك الأجواء المخيفة، خرج سيدنا يونس عليه السلام من بطن الحوت بأمر ربه فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وهُوَ سَقِيمٌ (145)، (الصافات: 145)، بعد أن استغفره عن ما كان يظنه أن اللّه تعالى قد تخلى عنه، فكان استغفاره داخل تلك الظلمات: وذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)، (الأنبياء: 87).
كان هذا الخروج مرا ومؤلما أكثر، فالجلد المتهرئ والعين التي تعودت على الظلمة والجوف الخاوي، ثم خروجه للبحر المالح الذي أمره اللّه تعالى أن يقذف به إلى بر صحراوي حار وجاف وما فيه من حشرات قارصة مؤلمة تتجمع على قروح الجلد المتهرئ كالذباب مثلا، كل تلك العوامل كادت تؤدي بحياته لو لا رحمة ربه التي تدخلت ومنعت الهلاك المحتوم .. أمر اللّه تعالى نباتا موجودا في تلك الأرض يدعى اليقطين وهو القرع كما أسلفنا أن يلتف حول جلد هذا النبي الصابر، ولكن لما ذا القرع تحديدا؟.
إرواء العطش، وكبر الأوراق التي تعمل كالمظلة، وإبعاد الذباب، وإشفاء الجلد المتقرح، كل تلك السمات تتوفر في هذا النبات حصرا .. نعم فلقد أثبتت البحوث الحديثة أن نبات القرع هذا سريع النمو، كبير الأوراق، سهل الهضم، كثير النفع

الصفحة 37