كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 7)

الأخضر، فهذا يمتلك نظاما فذا لا يزال العلماء في تفاصيله حائرين، فذلك النظام العجيب بمثابة بطارية شمسية حية، أو بمعنى أدق بمثابة خلية كهروضوئية يسيل لها لعاب العلماء، لأنها تستطيع أن تحول ضوء الشمس إلى تيار إلكتروني، ثم تختزنه على هيئة طاقة كيميائية في جزئيات مهيأة لذلك، وبهذه الطاقة يدير النبات كل عملياته الحيوية بعد ذلك، ثم تحصل مملكة الحيوان على طعامها من مملكة النبات، والطعام هنا ليس إلا خامات عضوية غنية بالطاقة.
بمعنى آخر نقول: إن كل الكائنات التي تعيش في هذا الكوكب (عدا قلة قليلة من الميكروبات تحصل على طاقتها من «رضعة» شمسية، لكن بعد أن تتحول في النبات الأخضر إلى طاقة مخزونة في جزئيات كيميائية ... أي كأن النبات هنا بمثابة «دينامو» حي، وهو الوحيد الذي يستطيع أن يستفيد بالطاقة الضوئية، وبها يدير عجلة الحياة منذ أن ظهرت المخلوقات على الأرض، إلى أن يرثها اللّه بما عليها. وتحرير الطاقة المختزنة في الجزئيات الكيميائية له فكرة ونظام، كما أن اصطياد الطاقة وتثبيتها أو حبسها له فكرة أخرى ونظام آخر ... ولكي نطلع على هذين النظامين، كان لا بدّ أن نستخدم عينا غير عيوننا، لتكبرهما لنا مئات وآلاف المرات، وجاءت عين الميكروسكوب الضوئي والإليكتروني، لتكشف لنا عن نظم من داخل نظم، وبها رأينا «ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت». فالنبات يتكون من أنسجة .. الأنسجة من خلايا ... الخلايا بداخلها مرافق حيوية دقيقة، ومن بين هذه المرافق يبرز نظامان عظيمان يتوليان أمور الطاقة، ويسيطران عليها من خلال بناء وهدم، أو هدم وبناء. فأما الذي يهدم الطاقة المخزونة ويحررها، فنظام يعرف باسم (الميتوكوندريا) .. وهذه بالنسبة للخلايا النباتية والحيوانية كمحطات توليد القوى التي نعرفها في عالمنا المتحضر، ذلك أن وقود الميتوكوندريا هو السكر، وهو يحترق في داخلها من خلال سلسلة من العمليات الكيميائية المعقدة، حتى يتحول في النهاية إلى غاز ثاني أوكسيد الكاربون والماء، وبهذا (تحلب) محطات القوى الدقيقة الطاقة المخزونة في السكر، وتوجهها لإدارة العمليات الحيوية التي تتم في كل الخلايا الحية. وأما الذي يبني الطاقة فنظام موجود في النباتات فقط، ويعرف باسم (البلاستيدات) الخضراء .. والبلاستيدة هي (الدينامو) الدقيق الحي، أو البطارية الضوئية الكهروكيميائية التي ركز آلاف العلماء بحوثهم عليها منذ سنوات

الصفحة 6