كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 7)

قَوْلُهُ (مُسْلِمِينَ كَانُوا أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ) . يَعْنِي: إذَا وَقَفَ عَلَى أَقَارِبِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ: صَحَّ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً.
تَنْبِيهَانِ.
أَحَدُهُمَا: قَدْ يُقَالُ: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى ذِمِّيٍّ، غَيْرِ قَرَابَتِهِ. وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ: صَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَالتَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَمَالَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ.
وَقِيلَ: يَصِحُّ عَلَى الذِّمِّيِّ، وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْ الْوَاقِفِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهِمْ.
قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَيَصِحُّ عَلَى ذِمِّيٍّ مِنْ أَقَارِبِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَى غَيْرِهِ، مِنْ مُعَيَّنٍ. فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ دُونَ الْجِهَةِ. انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ الْحَارِثِيُّ. وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ: يَصِحُّ عَلَى الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَ فِي الْوَاضِحِ صِحَّةَ الْوَقْفِ مِنْ ذِمِّيٍّ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ.
الثَّانِي: قَالَ الْحَارِثِيُّ: قَالَ الْأَصْحَابُ: إنْ وَقَفَ عَلَى مَنْ يَنْزِلُ الْكَنَائِسَ، وَالْبِيَعَ مِنْ الْمَارَّةِ وَالْمُجْتَازِينَ: صَحَّ
قَالُوا: لِأَنَّ هَذَا الْوَقْفَ عَلَيْهِمْ، لَا عَلَى الْبُقْعَةِ. وَالصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ جَائِزَةٌ وَصَالِحَةٌ لِلْقُرْبَةِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا.
قَالَ الْحَارِثِيُّ: إنْ خَصَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ، فَوَقَفَ عَلَى الْمَارَّةِ مِنْهُمْ: لَمْ يَصِحَّ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَفِي الْمُنْتَخَبِ، وَالرِّعَايَةِ: يَصِحُّ عَلَى الْمَارَّةِ بِهَا مِنْهُمْ، يَعْنِي مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ.

الصفحة 14