كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 7)

الثَّالِثَةُ: لَوْ وَقَفَ عَلَى ذِمِّيٍّ، وَشَرَطَ اسْتِحْقَاقَهُ مَا دَامَ كَذَلِكَ، فَأَسْلَمَ: اسْتَحَقَّ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَلُغِيَ الشَّرْطُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَصَحَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ هَذَا الشَّرْطَ. وَقَالَ: لِأَنَّهُ إذَا وَقَفَهُ عَلَى الذِّمِّيِّ مِنْ أَهْلِهِ دُونَ الْمُسْلِمِ لَا يَجُوزُ شَرْطٌ لَهُمْ حَالَ الْكُفْرِ. فَأَيُّ فَرْقٍ.

قَوْلُهُ (وَلَا عَلَى حَرْبِيٍّ، أَوْ مُرْتَدٍّ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَأَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي، وَالرِّعَايَةِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ ": هَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. قَالَ فِي الْمُجَرَّدِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا: إذَا أَوْصَى مُسْلِمٌ لِأَهْلِ قَرْيَتِهِ أَوْ قَرَابَتِهِ: لَمْ يَتَنَاوَلْ كَافِرَهُمْ إلَّا بِتَسْمِيَتِهِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَالْوَقْفُ كَالْوَصِيَّةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: فَصَحَّحَهُ عَلَى الْكَافِرِ الْقَرِيبِ وَالْمُعَيَّنِ. قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مُقَاتِلًا، وَلَا مُخْرِجًا لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ دِيَارِهِمْ، وَلَا مُظَاهِرًا لِلْأَعْدَاءِ عَلَى الْإِخْرَاجِ. انْتَهَى. وَقَوَّاهُ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَصِحُّ عَلَى نَفْسِهِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. قَالَ فِي الْفُصُولِ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ. قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا أَقْيَسُ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَلَا يَصِحُّ عَلَى نَفْسِهِ، عَلَى الْأَصَحِّ.

الصفحة 16