كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 7)

قُلْت: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَيْهَا الْعَمَلُ فِي زَمَانِنَا وَقَبْلَهُ، عِنْدَ حُكَّامِنَا مِنْ أَزْمِنَةٍ مُتَطَاوِلَةٍ. وَهُوَ الصَّوَابُ. وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ عَظِيمَةٌ. وَتَرْغِيبٌ فِي فِعْلِ الْخَيْرِ. وَهُوَ مِنْ مَحَاسِنِ الْمَذْهَبِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْبُلْغَةِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: هَلْ يَصِحُّ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، بِنَاءً عَلَى الْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ الِابْتِدَاءِ. عَلَى مَا يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَيَحْسُنُ بِنَاؤُهُ عَلَى الْوَقْفِ الْمُعَلَّقِ.
فَائِدَةٌ:
إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ، حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ: فَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَنْفُذُ الْحَكَمُ ظَاهِرًا. وَفِيهِ فِي الْبَاطِنِ الْخِلَافُ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ: إذَا حَكَمَ بِهِ حَنَفِيٌّ، وَأَنْفَذَهُ شَافِعِيٌّ: لِلْوَاقِفِ نَقْضُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَة، وَإِلَّا جَازَ نَقْضُهُ فِي الْبَاطِنِ فَقَطْ. بِخِلَافِ صَلَاتِهِ فِي الْمَسْجِدِ وَحْدَهُ حَيَاتَهُ، لِعَدَمِ الْقُرْبَةِ وَالْفَائِدَةِ فِيهِ، ذَكَرَهَا ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ وَقَفَ عَلَى غَيْرِهِ وَاسْتَثْنَى الْأَكْلَ مِنْهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ: صَحَّ) هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ، وَابْنِ مُنَجَّا، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْقَوَاعِدِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ. فَائِدَتَانِ.
إحْدَاهُمَا: وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ اسْتَثْنَى الْأَكْلَ مُدَّةً مُعَيَّنَةً. وَكَذَا لَوْ اسْتَثْنَى الْأَكْلَ وَالِانْتِفَاعَ لِأَهْلِهِ، أَوْ يُطْعِمُ صَدِيقَهُ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَالْحَارِثِيُّ، وَغَيْرُهُمْ

الصفحة 18