كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 7)

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَهُوَ أَصَحُّ. لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ، وَالْوَصَايَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ: لَا تَصِحُّ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْبَنَّا، وَالْقَاضِي. وَحَمَلَ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عَلَى أَنَّهُ قَالَ: قِفُوا بَعْدَ مَوْتِي. فَيَكُونُ وَصِيَّةً بِالْوَقْفِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ. فَوَائِدُ.
مِنْهَا: قَالَ الْحَارِثِيُّ: كَلَامُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَقْفَ الْمُعَلَّقَ عَلَى الْمَوْتِ، أَوْ عَلَى شَرْطٍ فِي الْحَيَاةِ: لَا يَقَعُ لَازِمًا قَبْلَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. لِأَنَّ مَا هُوَ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ وَصِيَّةٌ، وَالْوَصِيَّةُ فِي قَوْلِهِمْ لَا تَلْزَمُ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَالْمُعَلَّقُ عَلَى شَرْطٍ فِي الْحَيَاةِ فِي مَعْنَاهَا. فَيَثْبُتُ فِيهِ مِثْلُ حُكْمِهَا فِي ذَلِكَ. قَالَ: وَالْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمُعَلَّقِ عَلَى الْمَوْتِ: هُوَ اللُّزُومُ. قَالَ الْمَيْمُونِيُّ فِي كِتَابِهِ: سَأَلْته عَنْ الرَّجُلِ يُوقِفُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، أَوْ عَلَى الْمَسَاكِينِ بَعْدَهُ. فَاحْتَاجَ إلَيْهَا، أَيَبِيعُ عَلَى قِصَّةِ الْمُدَبَّرِ؟ فَابْتَدَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِالْكَرَاهَةِ لِذَلِكَ. فَقَالَ: الْوُقُوفُ إنَّمَا كَانَتْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنْ لَا يَبِيعُوا وَلَا يَهَبُوا. قُلْت: فَمَنْ شَبَّهَهُ وَتَأَوَّلَ الْمُدَبَّرَ عَلَيْهِ. وَالْمُدَبَّرُ قَدْ يَأْتِي عَلَيْهِ وَقْتٌ يَكُونُ فِيهِ حُرًّا، وَالْمَوْقُوفُ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ وَقَفَهُ بَعْدَهُ، وَهُوَ مِلْكُ السَّاعَةِ. قَالَ لِي: إذَا كَانَ يَتَأَوَّلُ. قَالَ الْمَيْمُونِيُّ: وَإِنَّمَا نَاظَرْته بِهَذَا، لِأَنَّهُ قَالَ: الْمُدَبَّرُ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ شَيْءٌ، وَهُوَ مِلْكُ السَّاعَةِ. وَهَذَا شَيْءٌ وَقَفَهُ عَلَى قَوْمٍ مَسَاكِينَ. فَكَيْفَ يُحْدِثُ بِهِ شَيْئًا؟ فَقُلْت: هَكَذَا الْوُقُوفُ، لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا شَيْءٌ، السَّاعَةَ هُوَ مِلْكٌ. وَإِنَّمَا

الصفحة 24