كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 7)

اسْتَحَقَّ بَعْدَ الْوَفَاةِ، كَمَا أَنَّ الْمُدَبَّرَ السَّاعَةَ لَيْسَ بِحُرٍّ، ثُمَّ يَأْتِي عَلَيْهِ وَقْتٌ يَكُونُ فِيهِ حُرًّا. انْتَهَى. فَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْوَقْفِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَبَيْنَ الْمُدَبَّرِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْفَرْقُ عَسِرٌ جِدًّا.

وَتَابَعَ فِي التَّلْخِيصِ الْمَنْصُوصَ، فَقَالَ: أَحْكَامُ الْوَقْفِ خَمْسَةٌ. مِنْهَا: لُزُومُهُ فِي الْحَالِ. أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ، أَمْ لَمْ يُخْرِجْهُ. وَعِنْدَ ذَلِكَ: يَنْقَطِعُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ. وَشَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حَوَاشِي الْمُحَرَّرِ لَمَّا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَدَّ كَلَامَ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَتَأَوَّلَهُ. اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَ فِيهَا مَنْقُولٌ مَعَ أَنَّهُ وَافَقَ الْحَارِثِيَّ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ: لَا يَقَعُ الْوَقْفُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَازِمًا. قُلْت: كَلَامُهُ فِي الْقَوَاعِدِ يُشْعِرُ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا: هَلْ هُوَ لَازِمٌ أَمْ لَا؟ . قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّمَانِينَ فِي تَبَعِيَّةِ الْوَلَدِ. وَمِنْهَا: الْمُعَلَّقُ وَقْفُهَا بِالْمَوْتِ، إنْ قُلْنَا: هُوَ لَازِمٌ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ. انْتَهَى. فَظَاهِرُ قَوْلِهِ " إنْ قُلْنَا: هُوَ لَازِمٌ " يُشْعِرُ بِالْخِلَافِ.
وَمِنْهَا: لَوْ شَرَطَ فِي الْوَقْفِ أَنْ يَبِيعَهُ، أَوْ يَهَبَهُ، أَوْ يَرْجِعَ فِيهِ مَتَى شَاءَ: بَطَلَ الشَّرْطُ وَالْوَقْفُ فِي أَحَدِ الْأَوْجُهِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ، وَالْفَائِقِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَقِيلَ: يَبْطُلُ الشَّرْطُ دُونَ الْوَقْفِ، وَهُوَ تَخْرِيجٌ مِنْ الْبَيْعِ، وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَصِحُّ فِي الْكُلِّ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْفَائِقِ. وَمِنْهَا: لَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي الْوَقْفِ فَسَدَ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَخَرَجَ فَسَادُ الشَّرْطِ وَحْدَهُ مِنْ الْبَيْعِ.

الصفحة 25