كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 7)

وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَجَمَاعَةٌ: أَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ: هَلْ يُقَدَّمُ دَيْنُ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى السَّيِّدِ، كَحَالَةِ الْحَيَاةِ، أَمْ يَتَحَاصَّانِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَهَلْ يَضْرِبُ سَيِّدُهُ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ مَعَ غَرِيمِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

الثَّانِيَةُ: لَا يُجْبَرُ الْمُكَاتَبُ عَلَى الْكَسْبِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: هَذَا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ. لِأَنَّهُ دَيْنٌ ضَعِيفٌ. وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجْهًا بِالْوُجُوبِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ.

قَوْلُهُ (وَالْكِتَابَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ. لَا يَدْخُلُهَا خِيَارٌ) هَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ: صَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّ الْعَبْدَ الْمُكَاتَبَ لَهُ الْخِيَارُ عَلَى التَّأْبِيدِ، بِخِلَافِ سَيِّدِهِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا خِيَارَ لِلسَّيِّدِ. وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَهُ الْخِيَارُ أَبَدًا، مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَفَاءِ وَالْعَجْزِ. فَإِذَا امْتَنَعَ كَانَ الْخِيَارُ لِلسَّيِّدِ. هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْوَفَاءِ فَلَا خِيَارَ لَهُ. وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ فَلَهُ الْخِيَارُ. ذَكَرَ ذَلِكَ فِي النُّكَتِ، فِي " بَابِ الْخِيَارِ " وَقَالَ مَا قَالَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ. قَالَهُ الشِّيرَازِيُّ، وَابْنُ الْبَنَّا. ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ، عَلَى مَا يَأْتِي قَرِيبًا.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَيُعْتَقُ بِالْأَدَاءِ إلَى سَيِّدِهِ، أَوْ إلَى مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ) . أَنَّ الْبَاقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ يُطَالَبُ بِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: إنْ أَدَّى بَعْضَ كِتَابَتِهِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ، يُحْسَبُ مِنْ ثُلُثِهِ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَةِ الْعَبْدِ. وَيَعْتِقُ.

الصفحة 475