كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 7)

اجتوروا - أي تجاوروا - فتمّ بينهم التعايش والحياة، وكأنّهم رأوا الحيّة طويلة العمر كثيرة الحركة، فأفرغوا عليه سمةً تدلّ على خصوصيتها. وأما حيوة في الأسماء فكأنها حياة سكّنت ياؤها واجتلبت لها الواو والبناء على حاله. وهذا شكلٌ من الكلام لولا أنّي قد سمعته ووعيته واستخرجته وتدبّرته وعرضته على العلماء ويسّرته لكان الإقلال منه أسلم. لكنّ هذا الكتاب قد جعلته خزانة لنفسي، ومرجعاً لدرسي، ففي نظرائي وأشكالي من فهمه أثبت من فهمي، وذهنه أنفذ من ذهني، وحفظه أغزر من حفظي، وقلبه أذكى من قلبي، لكني آثرت أن يكون لي فيمن دوني أثر، كما كان لمن فوقي عندي أثر، وإذا تيقظت قليلاً رأيت أهل الفضل كنفس واحدة تستنسخ الفضائل على الزمان في ذوي الأرواح الطاهرة والجواهر النيرة والطبائع المشحوذة والعقول السليمة. فأقلل من الطعن إن ظفرت بما يحسن في عقلك طعناً، وخاصم نفسك عني فإنّه أشبه بكرمك، وأبعد للإدالة منك، ومن عاب عيب، ومن هاب هيب، ومن صان صين، ومن أعان أعين، والحرّ أوقف بالطبيعة، والقصاص فأتمّ في الشريعة، وقد قيل: كما تدين تدان، وكما تزرع تحصد.
وقال عليه السلام: " حفّت الجنة بالمكاره وحفّت النار بالشهوات "؛ ولوال أن التكليف والمدح والذمّ والكرامة والإهانة لا تتم أحكامها

الصفحة 269