كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 7)

ولا يثبت نظامها إّلا بأن تكون الجنة المرغوب فيها والنار المرهوب منها، على ما وصف عليه السلام لما كانت، فإنّ ربّ الخلق أعلم بالخلق، وباني الدار أعلم بالدار، وربّ المنزل أعرف بالمسكن، وليس السلامة إلا في التسليم.
وقال عليه السلام: " الرزق يطلب العبد كما يطله أجله "؛ هذا الكلام كمايةٌ عن مصير الرّزق إلى العبد كملاً كمصيره إليه، إما بالاكتساب والاحتساب، وإما بغير اكتساب ولا احتساب، فكأنه دلّ على أنه لا بدّ للعبد البرّ والفاجر من استيفاء أكله إلى آخر أجله، وكان بعض الصوفية يقول: إما أن ترزق وإما أن تصبر وإما أن تقبض.
والكلام في الزّرق خفيٌّ، والبحث عنه شاقٌّ، والمدخل فيه غامض، والناس على طبقاتهم يموجون فيه بالصّحيح والسّقيم، والفاسد والسليم. والحقّ الذي لا يطور به الباطل، والحجة التي لا تتخّونها شبهة، أنّ الإنسان منذ يسقط من بطن أمه إلى أن يلحد في ضريحه مكفولٌ به، مصنوعٌ له، وأنّ كافله وصانعه يدبّره بمشيئته وإرادته على ما سبق من علمه وحكمته، فالعبد

الصفحة 270