كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 7)

وقال عليه السلام: " النصر مع الصّبر والفرج مع الكرب ".
وقال: " الدعاء مخّ العبادة "؛ رأيت بعض المتكلّمين يقول: إنما هو محّ العبادة - بالحاء غير معجمة، وسألت العلماء عنه فكرهوا قول هذا الرجل وقالوا: المحّ صفرة البيض. فأما محّ الثوب قد درس، ويقال أمحّ. فأما المخّ - بالخاء معجمةً - فهو ما تجده في العظم. فكأنه عليه السلام دلّ بهذا القول على أن الدعاء خالصة العبادة ولبّها. لأنّ العبادة وإن طالت متى خلت من الدعاء لم يكن لها دعامةٌ تثبت عليها، ولا عمادةٌ ترجع إليها، وذاك أن الدّعاء يستخلص القلب ويبعث على المذلّة، ويستخرج سرّ النفس، ويبيّن ذلّ العبد إذا سأل من عزّ الرب إذا سئل. وقد ندب الله عزّ وجلّ إلى الدعاء بقوله " ادعوني أستجب لكم ".
وسمعت ابن البقال الشاعر - وكان على مذهب ابن الراوندي - يقول: ادعوني أستجب لكم فندعوه فلا يستجيب لنا، وإن تكلّمنا سخّفنا؛ فقال له بعض أصحابنا: إنّ هذا الوعد من الله عزّ وجلّ في الاستجابة مشروطٌ بالمشيئة،

الصفحة 277