كتاب تفسير ابن كثير ط العلمية (اسم الجزء: 7)

شَنُوءَةَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ امْرَأَةً اسْمُهَا بَعْلٌ: وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ هُوَ اسْمُ صَنَمٍ كَانَ يَعْبُدُهُ أَهْلُ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا بَعْلَبَكُّ غَرْبِيَّ دِمَشْقَ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ هُوَ صَنَمٌ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ. وَقَوْلُهُ تعالى: أَتَدْعُونَ بَعْلًا أَيْ أَتَعْبُدُونَ صَنَمًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ أَيْ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ أَيْ لِلْعَذَابِ يَوْمَ الْحِسَابِ إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ أَيِ الْمُوَحِّدِينَ مِنْهُمْ وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ مِنْ مثبت. وقوله تعالى:
وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ أَيْ ثَنَاءً جَمِيلًا سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ كَمَا يُقَالُ فِي إِسْمَاعِيلَ إِسْمَاعِينُ وَهِيَ لُغَةُ بَنِي أَسَدٍ، وَأَنْشَدَ بعض بني نمير في ضب صاده: [رجز]
يَقُولُ رَبُّ السُّوقِ لَمَّا جِينَا ... هَذَا وَرَبِّ البيت إسرائينا «1»
ويقال ميكال وميكائيل وَإِبْرَاهِيمُ وَإِبْرَاهَامُ وَإِسْرَائِيلُ وَإِسْرَائِينُ وَطُورُ سَيْنَاءَ وَطُورُ سِينِينَ وَهُوَ مَوْضِعٌ وَاحِدٌ وَكُلُّ هَذَا سَائِغٌ وَقَرَأَ آخَرُونَ «سَلَامٌ عَلَى إِدْرَاسِينَ» «2» وَهِيَ قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وقرأ آخرون «سَلَامٌ عَلَى آلْ يَاسِينَ» يَعْنِي آلَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وقوله تعالى:
إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ قد تقدم تفسيره، والله أعلم.

[سورة الصافات (37) : الآيات 133 الى 138]
وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133) إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (135) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (136) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137)
وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (138)
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ بَعَثَهُ إِلَى قَوْمِهِ فَكَذَّبُوهُ فنجاه الله تعالى مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ هُوَ وَأَهْلُهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ فَإِنَّهَا هَلَكَتْ مَعَ مَنْ هَلَكَ مِنْ قَوْمِهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَهْلَكَهُمْ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْعُقُوبَاتِ وَجَعَلَ مَحِلَّتَهُمْ مِنَ الْأَرْضِ بُحَيْرَةً مُنْتِنَةً قَبِيحَةَ الْمَنْظَرِ وَالطَّعْمِ وَالرِّيحِ وَجَعَلَهَا بِسَبِيلٍ مُقِيمٍ يَمُرُّ بها المسافرون ليلا ونهارا ولهذا قَالَ تَعَالَى: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ
أَيْ أَفَلَا تَعْتَبِرُونَ بِهِمْ كَيْفَ دَمَّرَ اللَّهُ عليهم وتعلمون أن للكافرين أمثالها.
__________
(1) يروى الشطر الثاني من الرجز:
هذا لعمر الله إسرائينا وهو في تفسير الطبري 10/ 524، والرجز لأعرابي في المقاصد النحوية 2/ 445، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص 456، والدرر 2/ 272، وسمط اللئالي ص 681، وشرح الأشموني 1/ 156، وشرح التصريح 1/ 264، وشرح ابن عقيل ص 229، ولسان العرب (فطن) (يمن) ، والمعاني الكبير ص 646، وهمع الهوامع 1/ 157، وجمهرة اللغة ص 293، وتاج العروس (فطن) ، (يمن) ، (سرو) .
والمخصص 13/ 282.
(2) تفسير الطبري 10/ 524.

الصفحة 33