كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 7)
فقد أعطي نبينا صلى الله عليه وسلم من ذلك ما لا يحصى، وسيأتي إن شاء الله تعالى ما يكفي ويشفي.
وأما ما أعطيه عيسى أيضًا من رفعه إلى السماء، فقد أعطي نبينا صلى الله عليه وسلم ذلك ليلة المعراج، وزاد في الترقي لمزيد الدرجات وسماع المناجاة والحظوة في الحضرة المقدسة بالمشاهدات.
وبالجملة: فقد خص الله تعالى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من خصائص التكريم بما لم يعطه أحدًا من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والتسليم.
وقد روى جابر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
__________
أحوالكم التي لا تشكون فيها، فكان يخبر الشخص بما أكل وبما يأكل بعد، "فقد أعطي نبينا صلى الله عليه وسلم من ذلك ما لا يحصى، ويأتي إن شاء الله تعالى ما يكفي ويشفي" في المقصد الثامن.
"وأما ما أعطيه عيسى أيضًا من رفعه إلى السماء" حيًا، أو بعد أن مات قولان أصحهما الأول، وعليه فقال بعضهم: صار كالملائكة في زوال الشهوة، ونقل البغوي وغيره عن قتادة: أن عيسى قال لأصحابه: أيكم يقذف عليه شبهي فإنه مقتول، فقال رجل: أنا، فقتل، ومنع الله عيسى، ورفعه إليه، وكساه الريش، وألبسه النور، وقطع عنه لذة المطعم والمشرب، فطار مع الملائكة، فهو معهم حول العرش، فكان إنسيًّا، ملكيًّا، سماويًّا، أرضيًّا، ولذا قلت في جواب سؤال:
وقد صار عيسى بعد رفع إلى السما ... كالأملاك لا يشرب ولا هو يأكل
كما قاله الحبر الإمام قتادة ... فتنظير بعض فيه تقصير يجعل
"فقد أعطي نبينا صلى الله عليه وسلم ذلك ليلة المعراج، وزاد في" الأول حذفها لظهور أن المراد، أنه شارك عيسى في العروج، وزاد علي "الترقي لمزيد الدرجات" التي ما وصل إليها نبي ولا ملك، ولفظة في تقتضي مشاركته في الترقي "وسماع المناجاة" كلام الله تعالى، "والحظوة" بضم الحاء وكسرها: المحبة ورفعة المنزلة "في الحضرة المقدسة بالمشاهدات" وهذا تفصيل بعض ما أوتيه في نظير ما أوتيه الأنبياء الذين ذكرهم، "وبالجملة فقد خص الله تعالى سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم من خصائص التكريم بما لم يعطه أحدًا من الأنبياء عليهم الصلاة والتسليم" وتفصيل ذلك متعسر أو متعذر.
"وقد روى جابر" بن عبد الله، "عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال" في غزوة تبوك، كما في حديث