كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 7)

وذكر ثنتين مما تقدم.
وله من حديث ابن عباس رفعه: "فضلت على الأنبياء بخصلتين: كان شيطاني كافرًا فأعانني الله عليه فأسلم". قال: ونسيت الأخرى.
فينتظم بها سبع عشرة خصلة، ويمكن أن يوجد أكثر من ذلك لمن أمعن التتبع.
وقد ذكر أبو سعيد النيسابوري في كتاب "شرف المصطفى" أن عدد الذي خص به صلى الله عليه وسلم ستون خصلة. وطريق الجمع أن يقال: لعله صلى الله عليه وسلم اطلع أولا على بعض ما اختص به، ثم اطلع على الباقي ومن لا يرى مفهوم العدد حجة يدفع هذا الإشكال من أصله
__________
الذي تحمده الخلائق قولان ويأتي، "وذكر ثنتين مما تقدم" من الخصال تمام الست، "وله" أي: البزار من حديث ابن عباس رفعه: "فضلت على الأنبياء بخصلتين: كان شيطاني كافرًا، فأعانني الله عليه فأسلم" بفتح الميم، أي: آمن بي قطعًا، إذ هذا اللفظ لا يحتمل غير هذا، فأما الذي حكى فيه النووي وغيره روايتين الفتح والضم، فإنما هو حديث مسلم عن ابن مسعود مرفوعًا: "ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن" , قالوا: وإياك؟ قال: "وإياي إلا أن الله أعانني عليه، فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير" روي هذا بفتح الميم وضمها، وصحح الخطابي الرفع، ورجح القاضي عياض والنووي الفتح، وهو المختار.
"قال" الراوي ابن عباس أو من دونه: "ونسيت الأخرى" وهي مبينة في رواية البيهقي في الدلائل عن ابن عمر مرفوعًا: "فضلت على آدم بخصلتين: كان شيطاني كافرًا فأعانني الله عليه حتى أسلم، وكن أزواجي عونًا لي وكان شيطان آدم كافرًا، وكانت زوجته عونًا عليه"، "فينتظم" يجتمع "بها" بهذه الأحاديث "سبع عشرة خصلة، ويمكن أن يوجد أكثر من ذلك لمن أمعن التتبع" للأحاديث.
"وقد ذكر أبو سعيد النيسابوري في كتاب شرف المصطفى؛ أن عدد الذي خص به صلى الله عليه وسلم" على الأنبياء "ستون خصلة، وطريق الجمع" بين مختلف هذه الأحاديث من ست، وخمس، وثلاث، وأربع، وثنتين، "أن يقال: لعله عليه السلام اطلع أولا على بعض ما اختص به" فأخبر به، "ثم اطلع على الباقي" فحدث به، إذ لا ينطق عن الهوى، وهذا عند من يحتج بمفهوم العدد، "ومن لا يرى مفهوم العدد حجة" وإن كان نصًا في مدلوله "يدفع هذا الإشكال من أصله" إذ الإخبار بعدد لا يخفي غيره، وهذا الذي ساقه المصنف بعد حديث جابر إلى هنا من فتح الباري.

الصفحة 110