كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 7)
سائر الأصحاب لا بأس به، وهو الصحيح، لما فيه من زيادة العلم، فهذا كلام الأصحاب، والصواب الجزم بجواز ذلك، بل استحبابه، ولو قيل: وجوبه لم يكن بعيدًا، لأنه ربما رأى جاهل بعض الخصائص ثابتًا في الحديث الصحيح فعمل به أخذًا بأصل التأسي، فوجب بيانها لتعرف، فلا يعمل بها، فأي فائدة أهم من هذه الفائدة، وأما ما يقع في ضمن الخصائص مما لا فائدة فيه اليوم فقليل لا تخلو أبواب الفقه عن مثله للتدريب ومعرفة الأدلة، وتحقيق الشيء على ما هو عليه. انتهى كلام النووي وقد تتبعت ما شرف الله به نبينا صلى الله عليه وسلم من الخصائص والآيات، وأكرمه به من
__________
سائر" أي: باقي "الأصحاب" أي: المقلدين لمذهب الشافعي، لا خصوص من صحبه، "لا بأس به" أي يجوز الكلام في الخصائص والبحث عنها، "وهو الصحيح لما فيه من زيادة العلم" وبيان شرف المصطفى ورفيع منزلته عند ربه، "فهذا كلام الأصحاب والصواب الجزم بجواز ذلك" كما قالوا: "بل باستحبابه" لما فيه من بيان شرفه صلى الله عليه وسلم، وكرامته على ربه، حيث أباح له ما لم يوجبه على غيره، كالأمر بالمعروف بلا شرط، وجعل له كرامات وفضائل لم يؤتها غيره، "ولو قيل بوجوبه لم يكن بعيدًا، لأنه ربما رأى جاهل بعض الخصائص ثابتًا في الحديث الصحيح، فعمل به أخذًا بأصل التأسي" لأنا مأمورون باتباعه، "فوجب بيانها لتعرف، فلا يعمل بها، فأي فائدة أهم من هذه الفائدة" وهي معرفة الخصائص، ولذا قال الشمس الحطاب المالكي: ذكرها إما مستحب أو واجب، وهو الظاهر.
"وأما ما يقع في ضمن الخصائص مما لا فائدة فيه اليوم" كتكليم الجماد، وسعي الشجر مما وجد لإظهار عظمته، وإثبات نبوته في زمنه، وقد ثبت ذلك في الأمة وتحقق، فلا فائدة تترتب عليها من اجتناب محرم ونحوه، "فقيل لا تخلو أبواب الفقه عن مثله" حيث يذكر فيها، الأدلة لهم ولمخالفيهم والجواب عن أدلة المخالفين "للتدريب ومعرفة الأدلة وتحقيق الشيء على ما هو عليه" وإلا فلا فائدة فيها إذ لا يبطل المذاهب المقررة، "انتهى كلام النووي" وهو وجيه. وقد تتبعت" طلبت شيئًا بعد شيء بلا عجلة، يقال: تتبع فلان أحوال فلان، أي: تطلبها شيئًا بعد شيء في مهلة "ما شرف الله به نبينا" أي: أعطاه شرفًا وتمييزًا "من الخصائص" على الأنبياء، كانشقاق القمر أو على الأمم، وإن شاركه الأنبياء "والآيات" عطف مرادف أو أعم؛ بأن يراد بها العلامات الدالة على نبوته، وإن شاركه فيها غيره في الجملة لما مر أنه لم يعط نبي معجزة، إلا وأعطي نبينا ما يوازيها ويزيد عليها. "وأكرمه به من