كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 7)
ومنها: أن منبره على حوضه كما في الحديث وفي رواية: "ومنبري على ترعة من ترع الجنة" وأصل الترعة الروضة على المكان المرتفع خاصة، فإذا كانت في المطمئن فهي روضة. ولم يختلف أحد من العلماء أنه على ظاهره وأنه حق محسوس موجود، فإن القدرة صالحة لا عجز فيها، وكل ما أخبر به الصادق عليه الصلاة والسلام من أمور الغيب فالإيمان به واجب.
__________
يحمله على الإقلاع، ولا يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم: "تعرض الأعمال كل يوم الاثنين والخميس على الله، وتعرض على الأنبياء والآباء والأمهات يوم الجمعة، فيفرحون بحسناتهم، وتزداد وجوههم بياضًا وإشراقًا، فاتقوا الله ولا تؤذوا موتاكم"، رواه الحكيم الترمذي، لجواز أن العرض على النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم على وجه التفصيل، وعلى الأنبياء، ومنهم نبينا على وجه الإجمال يوم الجمعة، فيمتاز صلى الله عليه وسلم بعرض أعمال أمته كل يوم تفصيلا، ويوم الجمعة إجمالا، ويأتي إن شاء الله تعالى وجه أن مماته خير في المقصد العاشر.
"ومنها: أن منبره على حوضه" أي: ينقل المنبر الذي قال عليه هذه المقالة يوم القيامة، فينصب على الحوض، ثم تصير قوائمه رواتب في الجنة، كما روى الطبراني "كما في حديث" أخرجه الشيخان، وأحمد، والترمذي عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي". "وفي رواية" عند النسائ في هذا الحديث بدل قوله: "ومنبري على حوضي": "ومنبري على ترعة " بضم، فسكون "من ترع" بضم، ففتح، جمع ترعة "الجنة" أي: موضع معين فيها، "وأصل الترعة" أي حقيقتها لغة "الروضة على المكان المرتفع خاصة، فإذا كانت في المطمئن، فهي روضة" وبهذه الحقيقة فسرها الديلمي، قال: وقيل هي الدرجة، وفي رواية لأحمد والطبراني عن بعض الصحابة تفسير الترعة بالباب، وسوى في القاموس بين هذه الحقائق، فظاهره أنها كلها لغوية، والروضة الموضع المعجب بالزهور لاستراضة المياه السائلة إليها، أي: سكونها بها، وعلم من المصنف أن الروضة تطلق على مجمع الزهور في المرتفع والمنخفض، ويخص المنخفض بالروضة دون الترعة.
"ولم يختلف أحد من العلماء أنه على ظاهره" أي: إن المراد منبره الذي كان يخطب عليه في الدنيا، "وأنه حق محسوس" مشاهد بحاسة البصر، "موجود" في الجنة وعلى الحوض قبل، "فإن القدرة صالحة" لذلك "لا عجز فيها" تعليل لنفي الخلاف، "وكل ما أخبر به الصادق عليه الصلاة والسلام من أمور الغيب، فالإيمان به واجب" إذ لا ينطق عن الهوى، لكن في نفس الخلاف نظر، فالخلاف موجود، فقيل: هو منبره الذي كان يخطب عليه.