كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 7)

وكذلك النيل والفرات من الجنة، وكذلك الثمار الهندية من الورق التي أهبط بها آدم عليه السلام من الجنة، فاقتضت الحكمة الإلهية أن يكون في هذه الدار من مياه الجنة، ومن ترابها، ومن حجرها، ومن فواكهها، حكمة حكيم جليل.
وأما المجاز: فبأن يكون من إطلاق اسم المسبب على السبب، فإن ملازمة ذلك المكان للصلاة والعبادة سبب في نيل الجنة، قاله ابن أبي جمرة، وهو معنى قول بعضهم: لكون العبادة فيه تئول إلى دخول العابد روضة الجنة.
وهذا فيه نظر: إذ لا اختصاص لذلك بتلك البقعة على غيرها.
__________
عن ابن عباس، والأصل الحقيقة، ويؤيده ما للخطيب وابن عساكر مرفوعًا: "والحجر الأسود ياقوتة بيضاء من ياقوت الجنة، وإنما سودته خطايا المشركين، يبعث يوم القيامة مثل أحد يشهد لمن استلمه وقبله من أهل الدنيا".
ووى الأزرقي مرفوعا: "الحجر الأسود نزل به ملك من السماء". "وكذلك النيل والفرات من الجنة".
وروى مسلم عن أبي هريرة، مرفوعًا: "سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة" , وهو على ظاهره على الأصل، وقيل: مؤول، "وكذلك الثمار الهندية من الورق التي أهبط بها آدم عليه السلام من الجنة، فاقتضت الحكمة الإلهية أن يكون في هذه الدار من مياه الجنة" كالنيل والفرات، "ومن ترابها" وهو الأرض التي بين المنبر والقبر، "ومن حجرها" وهو الحجر الأسود، "ومن فواكهها" وهو الثمار الهندية، "حكمة حكيم جليل" ليتدبر العاقل، فيسارع إليها بالأعمال الصالحة، وقيل في معنى الحقيقة أن ذلك الموضع ينقل بعينه في الآخرة إلى الجنة.
"وأما المجاز، فبأن يكون من إطلاق اسم المسبب على السبب، فإن ملازمة ذلك المكان للصلاة والعبادة فيه سبب في نيل الجنة، قاله ابن أبي جمرة" بجيم وراء، وفيه تسمح إذ الروضة ليست مسببة من حيث ذاتها، بل الوصول إليها مسبب عن العمل، لكنها لما كانت المقصودة أطلق اسمها مريدًا التعبد الموصل إليها، "وهو معنى قول بعضهم لكون العبادة فيه تئول" أي: تؤدي، أي: تكون طريقًا "إلى دخول العابد روضة الجنة" ففيه تجوز أيضًا، لأن الأيلولة الرجوع، "وهذا فيه نظر؛ إذ لا اختصاص لذلك بتلك البقعة على غيرها" فالعبادة في أي مكان كذلك وجوابه أنها سب قوي يوصل إليها على وجه أتم من بقية الأسباب، أو هي سبب لروضة خاصة أجل من مطلق الدخول والتنعم، فإن أهل الجنة يتفاوتون في منازلها بقدر أعمالهم.

الصفحة 376