كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 7)
ولم يسمع بهذه المعجزة عن غير نبينا صلى الله عليه وسلم، حيث نبع الماء من بين عظمه وعصبه ولحمه ودمه، وقد نقل ابن عبد البر عن المزني أنه قال: نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم أبلغ في المعجزة من نبع الماء من الحجر حيث ضربه موسى بالعصا فتفجرت منه المياه، لأن خروج الماء من الحجارة معهود بخلاف خروج الماء من بين اللحم والدم. انتهى.
__________
الصدائي عنده، وعن بريح، بضم الموحدة، وتشديد المهملة الصدائي أيضًا، فإذا ضم هذا إلى هذا بلغ الكثرة المذكورة أو قاربها.
وأما من رواها من أهل القرن الثاني، فهم أكثر عددًا، وإن كان شطر طرقه أفرادًا، وفي الجملة يستفاد منها الرد على ابن بطال، حيث قال: هذا الحديث شهده جماعة من الصحابة إلا أنه لم يرو إلا من طريق أنس، وذلك لطول عمره، وتطلب الناس العلو في السند، انتهى، وهذا ينادي عليه بقلة الاطلاع والاستحضار لأحاديث الكتاب الذي شرحه، انتهى. "ولم يسمع بهذه المعجزة عن غير نبينا صلى الله عليه وسلم، حيث نبع الماء من بين عظمه وعصبه ولحمه ودمه، وقد نقل ابن عبد البر عن المزني" إسماعيل بن يحيى، بن إسماعيل، بن عمرو، بن إسحاق، الإمام الجليل، صاحب التصانيف، الزاهد، المتقلل من الدنيا، مجاب الدعوة، قال الشافعي: لو ناظر الشيطان لغلبه، مات لست بقين من رمضان، سنة أربع وستين ومائتين، ودفن قريبًا من الشافعي، وولد سنة خمس وسبعين ومائة، "أنه قال: نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، أبلغ في المعجزة من نبع الماء من الحجر، حيث ضربه موسى بالعصا فتفجرت" جرت وسالت "منه المياه؛ لأن خروج الماء من الحجارة معهود" كما قال تعالى: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ} الآية، "بخلاف خروج الماء من بين اللحم والدم" ليس بمعهود؛ كما قال الشاعر:
إن كان موسى سقى الأسباط من حجر ... فإن في الكف معنى ليس في الحجر
ولله در البوصيري حيث قال في اللامية:
ومنبع الماء عذبًا من أصابعه ... وذي أياد عليها قد جرى النيل
"انتهى" كلام القرطبي.
قال الحافظ: وظاهر كلامه أن الماء نبع من بين اللحم الكائن في الأصابع، ويؤيد قوله في حديث ابن عباس عند الطبراني: فجاءوا بشيء، فوضع صلى الله عليه وسلم يده عليه، ثم فرق بين أصابعه، فنبع الماء من أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل عصا موسى، فإن الماء تفجر من نفس العصا، فتمسكه به يقتضي أن الماء تفجر من بين أصابعه، ويحتمل أن المراد أن الماء نبع من بين أصابعه بالنسبة إلى
الصفحة 4
510