كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 7)
وقد روى حديث نبع الماء جماعة من الصحابة، منهم: أنس وجابر وابن مسعود.
فأما حديث أنس ففي الصحيحين قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر، فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء.
__________
رؤية الرائي وهو في نفس الأمر للبركة الحاصلة فيه، يفور ويكثر وكفه صلى الله عليه وسلم في الماء، فيراه الرائي، نابعًا منه، والأول أبلغ في المعجزة، وليس في الإخبار ما يرده، انتهى، ويأتي نحوه في المتن.
"وقد روى حديث نبع الماء جماعة من الصحابة" خمسة، كما علمت، "منهم: أنس وجابر، وابن مسعود" وابن عباس، وأبو يعلى، "فأما حديث أنس، ففي الصحيحين" البخاري في الوضوء وعلامات النبوة، ومسلم في الفضائل، ورواه الترمذي في المناقب، والنسائي في الطهارة، كلهم من طريق مالك، الإمام، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس، أنه "قال: رأيت" أي أبصرت "رسول الله" وفي رواية: النبي صلى الله عليه وسلم، والحال أنه قد "حانت" بالمهملة، أي قربت "صلاة العصر" زاد في رواية للشيخين من حديث سعيد، عن قتادة، عن أنس، وهو بالزوراء، بفتح الزاي، وسكون الواو، بعدها راء: موضع بسوق المدينة، وتفسير حانت: بقربت، هو ما صدر به الكرماني، واقتصر عليه المصنف والحافظ أنسب بقوله: صلاة العصر، وإن كان يطلق لغة أيضًا على دخول الوقت.
قال الحافظ: وزعم الداودي أن الزوراء: مكان مرتفع، كالمنارة، وكأنه أخذه من أمر عثمان بالتأذين على الزوراء، وليس بلازم، بل الواقع أن المكان الذي أمر بالتأذين فيه كان الزوراء، لا أنه الزوراء نفسها.
وفي رواية همام عن قتادة عن أنس: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه عند الزوراء، أو عند بيوت المدينة، أخرجه أبو نعيم، "فالتمس" أي طلب، "الناس الوضوء" بفتح الواو: الماء الذي يتوضأ به، وفي رواية: فالتمس الوضوء بالبناء للمفعول، "فلم يجدوه" وفي رواية بغير الضمير للمنصوب، أي فلم يصيبوا الماء، "فأتي" بضم الهمزة مبني للمفعول، "رسول الله صلى الله عليه وسلم" بالرفع نائب الفاعل، "بوضوء" بفتح الواو، أي بإناء فيه ماء ليتوضأ به، وفي رواية: فجاء رجل بقدح فيه ماء يسير، وروى المهلب أنه كان مقدار وضوء رجل واحد، وعند أبي نعيم والحارث بن أبي أسامة، من رواية شريك بن أبي نمر، عن أنس، أنه هو الذي أحضر الماء، ولفظه: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انطلق إلى بيت أم سلمة"، فأتيته بقدح ماء، إما ثلثه وإما نصفه. الحديث،
الصفحة 5
510