كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 7)

فوضع يده في ذلك الإناء، فأمر الناس أن يتوضئوا منه، فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه، فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم، وفي لفظ البخاري: كانوا ثمانين رجلا، وفي لفظ له: فجعل الماء ينبع من بين أصابعه وأطراف أصابعه حتى توضأ القوم، قال: فقلنا لأنس كم كنتم قال: كنا ثلاثمائة.
قوله: "حتى توضئوا من عند آخرهم" قال الكرماني: حتى للتدريج، ومن للبيان، أي: توضأ الناس حتى توضأ الذين هم عند آخرهم، وهو كناية عن جميعهم، و"عند" بمعنى "في" لأن "عند" وإن كانت للظرفية الخاصة لكن المبالغة تقتضي أن تكون لمطلق الظرفية، فكأنه قال: الذين هم في آخرهم. وقال التيمي: المعنى.
__________
وفيه: أنه رده بعد فراغهم إليها، وفيه قدر ما كان فيه أولا، "فوضع يده في ذلك الإناء" قال شيخ الإسلام: الظاهر أنها اليد اليمنى، "فأمر" بالفاء "الناس أن يتوضئوا منه" أي: بالتوضؤ من ذلك الإناء، قال أنس: "فرأيت الماء ينبع" بتثليث الموحدة: يخرج "من بين أصابعه، فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم، وفي لفظ للبخاري" من رواية حميد عن أنس: "كانوا ثمانين رجلا". في لفظ للبخاري أيضًا من رواية الحسن عن أنس: كانوا سبعين أو نحوه، وفي مسلم: سبعين أو ثمانين، "وفي لفظ له" أي البخاري في العلامات، وكذا مسلم في الفضائل من طريق سعيد عن قتادة عن أنس: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بإناء وهو بالزوراء فوضع يده في الإناء، "فجعل الماء ينبع من بين أصابعه وأطراف أصابعه حتى توضأ القوم، قال" قتادة: "فقلنا لأنس: كم كنتم؟، قال: كنا ثلاثمائة" لفظه، أو زهاء ثلاثمائة بالشك.
قال الحافظ: بضم الزاي والمد، أي قدر ثلاثمائة من زهوت الشيء إذا حصرته، وللإسماعيلي من طريق خالد بن الحارث، عن سعيد ثلاثمائة، بالجزم دون قوله أو زهاء، انتهى وبه تعلم ما في المؤلف من المؤاخذة، بالجزم بثلاثمائة مع العزو للبخاري، وقد ظهر من السياق تعدد القصة إذ كانوا مرة ثمانين أو سبعين، ومرة ثلاثمائة أو ما قاربهما، فهما كما قال النووي قضيتان جرتا في وقتين حضرهما جميعًا أنس، "قوله: حتى توضئوا من عند آخرهم".
"قال الكرماني: حتى للتدريج، ومن للبيان، أي توضأ الناس حتى توضأ الناس الذين هم عند آخرهم، وهو كناية عن جميعهم، وعند بمعنى في؛ لأن عند وإن كانت للظرفية الخاصة، لكن المبالغة تقتضي أن تكون" لمطلق الظرفية؛ لأن السياق يقتضي العموم والمبالغة، "فكأنه قال: الذين هم في آخرهم".
"وقال التيمي" أحمد بن محمد بن عمر، شارح البخاري شرحًا واسعًا جدًا: "المعنى

الصفحة 6