كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 7)
توضأ القوم حتى وصلت النوبة إلى الآخر، وقال النووي: "من" هنا بمعنى "إلى" وهي لغة، وتعقبه الكرماني بأنها شاذة، قال: ثم إن "إلى" لا يجوز أن تدخل على "عند" ويلزم عليه وعلى ما قاله التيمي أن لا يدخل الأخير، لكن ما قاله الكرماني من أن "إلى" لا تدخل على عند لا يلزم مثله في "من" إذا وقعت بمعنى "إلى" وعلى توجيه النووي يمكن أن يقال عند زائدة. قاله في فتح الباري.
وروى هذا الحديث أيضًا عن أنس بن شاهين، ولفظه: قال أنس كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فقال المسلمون: يا رسول الله، عطشت دوابنا وإبلنا،
__________
توضأ القوم حتى وصلت النوبة إلى الآخر".
وقال النووي: من هنا بمعنى إلى، وهي لغة" والكوفيون يجوزون مطلقًا وضع حروف الجر بعضها مقام بعض، "وتعقبه الكرماني بأنها شاذة" فلا يخرج عليها الفصيح مع إمكان غيره، "قال: ثم إن إلى لا يجوز أن تدخل على عند" فهو اعتراض ثان على النووي، "ويلزم عليه" أي جعل النووي من بمعنى إلى، "وعلى ما قاله التيمي" من قوله إلى آخرهم، فأشار أيضًا إلى أنها بمعنى إلى "أن لا يدخل الأخير" من القوم؛ لأن المغيابالي خارج على المشهور، وإلا فيدخل على قول؛ "لكن ما قاله الكرماني من أن إلى لا تدخل على عند، لا يلزم مثله في من إذا وقعت بمعنى إلى" لأن كون كلمة بمعنى أخرى لا يلزم أن تكون مثلها استعمالا، فلا مانع من دخول من التي بمعنى إلى على عند، وامتناع دخول إلى عليها، "وعلى توجيه النووي" يمكن أن يقال عند زائدة، قاله في فتح الباري" في كتاب الطهارة.
وقال المصنف: أي توضأ الناس ابتداء من أولهم حتى انتهوا إلى آخرهم، ولم يبق منهم أحد، والشخص الذي هو آخرهم داخل في هذا الحكم، لأن السياق يقتضي العموم والمبالغة، لأن عند هنا تجعل لمطلق الظرفية حتى تكون بمعنى في، كأنه قال: حتى توضأ الذين هم آخرهم، وأنس داخل فيهم، إذ قلنا يدخل المخاطب، بكسر الطاء في عموم خطابه أمرًا أو نهيًا أو خبرًا، وهو مذهب الجمهور، وقال بعضهم: حتى حرف ابتداء مستأنف، جملة اسمية وفعلية فعلها ماض، نحو: حتى عفوا وحتى توضئوا، ومضارع نحو: "حتى يقول الرسول" في قراءة نافع، ومن للغاية لا للبيان، خلافًا للكرماني، لأنها لا تكون للبيان إلا إذا كان فيما قبلها إبهام، ولا إبهام هنا.
"وروى هذا الحديث أيضًا" أي حديث نبع الماء لا بقيد المتقدم عن الصحيحين؛ لأنه في سوق المدينة، وهذا في تبوك "عن أنس بن شاهين" فاعل روى "ولفظه، قال أنس: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فقال المسلمون: يا رسول الله! عطشت دوابنا وإبلنا،" عطف
الصفحة 7
510