كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 7)

فقال: "هل من فضلة ماء". فجاء رجل في شن بشيء، فقال: "هاتوا صحفة". فصب الماء ثم وضع راحته في الماء، قال: فرأيتها تخلل عيونًا بين أصابعه، قال: فسقينا إبلنا ودوابنا وتزودنا، فقال: "أكفيتم"؟. قلنا: نعم يا رسول الله، فرفع يده فارتفع الماء.
وأخرج البيهقي عن أنس أيضًا، قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى قباء فأتى من بعض بيوتهم بقدح صغير، فأدخل يده فلم يسعه القدح، فأدخل أصابعه الأربعة ولم يستطع أن يدخل إبهامه، ثم قال للقوم: "هلموا إلى الشراب". قال أنس: بصر عيني ينبع الماء من بين أصابعه فلم يزل القوم يردون القدح حتى رووا منه جميعًا.
وأما حديث جابر: ففي الصحيحين، قال: عطش الناس يوم الحديبية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بين
__________
خاص على عام، فقال: "هل من فضلة ماء"؟. إنما طلبها لئلا يظن أنه صلى الله عليه وسلم موجد للماء والإيجاد إنما هو لله لا لغيره، "فجاء رجل في شن" بفتح المعجمة ونون ثقيلة: قربة بالية "بشيء" من ماء فقال: "هاتوا صحفة" إناء كالقصعة، وقال الزمخشري: قصعة مستطيلة، "فصب الماء" "ثم وضع راحته" كفه مع أصابعه "في الماء قال" أنس "فرأيتها" أي الصحفة "تخلل"، بفتح التاء، مضارع بحذف إحدى التاءين، أي تنفذ "عيونًا بين أصابعه" تمييز محول عن الفاعل، والأصل تتخلل عيونها بين أصابعه.
"قال" أنس: "فسقينا إبلنا وداوبنا، وتزودنا" حملنا الماء معنا، "فقل" صلى الله عليه وسلم: "أكفيتم"؟. قلنا: نعم يا رسول الله، فرفع يده" من الصحفة، "فارتفع الماء" برفع يده.
"وأخرج البيهقي عن أنس أيضًا، قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى قباء" موضع معروف بالمدينة، كان صلى الله عليه وسلم يأتيه كل سبت راكبًا أو ماشيًا، "فأتي" بالبناء للمفعول "من بعض بيوتهم" أي بيوت أهل قباء، "بقدح صغير، فأدخل يده، فلم يسعه" أي إدخال يده، وإلا فالظاهر لم يسعها، أي اليد "القدح" لصغره، "فأدخل أصابعه الأربعة ولم يستطع أن يدخل إبهامه، ثم قال للقوم: "هلموا إلى الشراب"، قال أنس: بصر" بضم الصاد وكسرها، قال المجد: ككرم وفرح، أي نظر "عيني ينبع الماء" أي نبعه "من بين أصابعه" وتعديه بصر بنفسه لغة، والأفصح تعديته بالباء، نحو بصرت بما لم يبصروا به، "فلم يزل القوم يردون القدح حتى رووا" بفتح الراء وضم الواو، "منه جميعًا" أي زال ظمؤهم، وأصله رويوا، حذفت الياء لثقل الضمة عليها، وضمت الواو الأولى لمناسبة الثانية.
"وأما حديث جابر، ففي الصحيحين" في المغازي والبخاري أيضًا في علامات النبوة، وأخرجه النسائي في الطهارة والتفسير، كلهم من رواية سالم بن أبي الجعد عن جابر، "قال:

الصفحة 8