كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 7)
وقصة كلام الذئب مشهورة.
وأما الريح التي كانت غدوها شهر ورواحها شهر، تحمله أين أراد من أقطار الأرض، فد أعطي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم البراق الذي هو أسرع من الريح، بل أسرع من البرق الخاطف، فحمله من الفرش إلى العرش في ساعة زمانية، وأقل مسافة في ذلك سبعة آلاف سنة، وتلك مسافة السماوات، وأما إلى المستوى وإلى الرفرف فذلك ما لا يعلمه إلا الله.
__________
وروى الطيالسي، والحاكم، وصححه عن ابن مسعود: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل رجل غيضة، فأخرج منها بيض حمرة، فجاءت الحمرة ترف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال صلى الله عليه وسلم: "أيكم فجع هذه"؟.
فقال رجل: أنا يا رسول الله، أخذت بيضها، وفي رواية الحاكم: أخذت فرخيها، فقال: "رده رحمة لها".
وروى الترمذي، وابن ماجه، عن عامر الرام: أن جماعة من الصحابة دخلوا غيضة، فأخذوا فرخ طائر، فجاء الطير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرف، فقال: "أيكم أخذ فرخ هذا؟ "، فأمره أن يرده فرده، وحكمة الأمر بالرد؛ أنها لما استجارت به أجارها، فوجب ردها، واحتمال كونهم محرمين بعيد مع قوله: رحمة لها، "وقصة كلام الذئب" بكلام الإنس العربي "مشهورة" وتقدمت قريبًا.
"وأما الريح التي كانت غدوها" سيرها من الغدوة بمعنى الصباح إلى الزوال "شهر" أي: مسيرته، ورواحها" أي سيرها من الزوال إلى الغروب "شهر تحمله أين أراد من أقطار الأرض" قال الحسن: كان يغدو من دمشق، ويقيل باصطخر، وبينهما شهر للراكب المسرع، ثم يروح من اصطخر، فيبيت بكابل، وبينهما مسيرة شهر، "فقد أعطي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم البراق" بضم الموحدة "الذي هو أسرع من الريح، بل أسرع من البرق الخاطف، فحمله من افرش إلى العرش" عرش الرحمن "في ساعة زمانية، وأقل مسافة في ذلك سبعة آلاف سنة، وتلك مسافة السماوات" لأن بين كل سماء وسماء خمسمائة عام، وسمك كل سماء خمسمائة، فهي سبعة آلاف.
"وأما إلى المستوى وإلى الرفرف، فذلك ما لا يعلمه إلا الله" وفي الشامية أعطي البراق سارية، مسيرة خمسين ألف سنة في أقل من ثلث ليلة، انتهى، وهذا كله على أحد القولين: أن العروج إلى السماوات كان على البراق، والصحيح الذي تقرر من الأحاديث الصحيحة؛ كما قال السيوطي وغيره: إنه كان على المعراج الذي تعرج عليه أرواح بني آدم، ولذا قال ابن كثير: لما فرغ من أمر بيت المقدس، نصب له المعراج، وهو السلم، فصعد فيه إلى السماء، ولم يكن