كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 7)

اسْتَغْفَرَ، غُفِرَ له وقرأ: {وَمَن يَعْمَلْ سواءا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} [النساء: 110] الآية، {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظلموا أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ فاستغفروا الله} [النساء: 64] الآية.
وعن عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - قال: حدَّثَنِي أبُو بكر، وصدق أبُو بكر قال: ما من عَبْدٍ يُذْنِب ذَنْباً، ثم يَتَوَضَّأُ، ويُصَلِّي رَكْعَتَيْن، ويستغفر الله، إلا غَفَرَ له، ثم تَلاَ هذه الآيَة [ {ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه} الآية قال ابن عَطيَّة: قوله: «يَجِدِ اللَّه» أي: يجد عِنْدَه المَغْفِرة والرَّحْمَة، فجعل المَغْفِرَة كالمورد يرده التَّائِب] المُستْغَفِر.
والكَسْبَ عِبَارة عمَّا يفيد جرَّ مَنْفَعَةٍ، أوْ دَفع مَضَرَّة، ولِذلك لَم يَجُزْ وَصْف البَارِي - تعالى - بذلك، وقِيلَ: المُرَاد بالإثْم: يعني يَمِين طعمة بالبَاطِل، أي: ما سَرَقْتَه، إنَّما سرقه اليَهُودِيُّ، {فإنَّما يكسبُه على نَفْسِهِ} فإنَّما يضرُّ به نَفْسَه، {وَكَانَ الله عَلِيماً} بما في قَلْب التَّائِب عند إقْدَامه على التَّوبة [ «حكيماً» ] تقتضي حكْمَتهُ ورَحْمَتُهُ أن يَتَجَاوَزَ عن التَّائِب، والمَقْصُود منه: تَرْغِيبُ العَاصِي في الاسْتِغْفَار، وألا يَيْأس من قبول التَّوْبَةِ والاسْتِغْفَارِ.
قيل: المراد بالخَطِيئَةِ: سَرِقَةُ الدِّرْع، وبالإثْمِ: يَمينه الكَاذِبَة.
وقيل: الخَطِيئَةُ: الصَّغيرة، والإثْم: الكَبِيرة.
وقيل: الخَطِيئَة: ما لا يَنْبَغِي فِعْلُه سواءً كان بالعَمْد أو بالخَطَأ، والإثْم: ما يَحْصُل بسبب العَمْد؛ لقوله في الَّتِي قَبْلَها: {وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ على نَفْسِهِ} [النساء: 111] فبيَّن أن الإثْم ما يَسْتَحِقُّ به العُقُوبَة.
وقيل: هُما بمَعْنَى وَاحِد، كرر لاخْتِلاَف اللَّفْظ تَأكِيداً.

الصفحة 11