كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 7)

وذهب الأكْثَرُون إلى أنَّهُ يجُوزُ لِلْمُجْرِم أكْلُهُ، إذا لَمْ يَصْطَدْ بِنْفِسه، ولا صِيدَ لأجْلِه أو بإشَارَتِه، وهو قولُ عُمَرَ، وعُثَمَان، وأبِي هُرَيْرَةَ، وبه قالَ عَطَاء، ومُجَاهِد، وسعيدُ بنُ جُبَيْر، وهو مذهَبُ مالكٍ، والشَّافِعيِّ، وأحْمَد، وإسْحاق، وأصحاب الرَّأي، وإنَّما رَدَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على الصَّعبِ بن جُثَامة؛ لأنَّه ظَنَّ أنَّه صِيد من أجْله.
ويدلُّ على الجوازِ، ما روى نَافِعٌ - مولى أبِي قتادة بن ربْعِيٍّ الأنْصَارِي: «أنَّه كان مع رسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، حتَّى إذا كان بِبَعْضِ طريقِ مَكَّةَ، تَخلَّف مع أصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِين - وهو غير مُحْرِم -، فرأى حِمَاراً وحْشياً، فاسْتَوى على فرسهِ، فسأل أصْحَابَهُ أنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطاً فَأبَوْا، فَسَألَهُمْ رُمْحَهُ فأبَوا، فأخَذه، ثُمَّ شَدَّ على الحِمَار فَقَتَلَهُ، فأكل مِنْهُ بَعْضُ أصحابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وأبَى بعضُهُمْ، فلمَّا أدْرَكوا رسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فسألُوه عن ذلك فقال: إنَّما هي طُعْمَةٌ أطْعَمَكُمُوها اللَّهُ» وروى جَابِرُ بن عَبْدِ اللَّهِ: أنَّ رسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: «لَحمُ الصَّيْدِ لَكُمْ فِي الإحْرَامِ حلالٌ، مَا لم تَصِيدُوه أو يُصَاد لَكُمْ» .
فصل
وإذَا أتْلَفَ المُحْرِمُ شَيْئاً من الصَّيْدِ لا مِثْلَ لهُ مِن النَّعَمِ، مثل بَيْضٍ أو طَائرٍ دُون

الصفحة 530