كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 7)

[يريد شَوَائِع] .
وأمَّا المذاهبُ الآتية، فإنه يَرِدُ عليها إشكالاتٌ، هذا المذهبُ سالمٌ منها؛ فلذلك اعتبره الجُمْهُور دون غيره.
وقال ابنُ الخطيبِ: منعَ الصَّرْفُ لثلاثة أوجهٍ:
أحدها: ما تقدَّم، وهو أنَّ هذه الكلمةَ لمَّا كانَتْ في الأصْلِ على وزن «فَعْلاء» مثل «حَمْرَاء» ، فلم يتَصَرَّفْ كَحَمْرَاء.
وثانيها: لمَّا كانَتْ في الأصْل «شيآء» ، ثُمَّ جُعِلَت أشْيَاء مَنَعَ ذَلِكَ الصَّرْف.
وثالثها: أنَّا لمَّا قَطَعْنَا الحَرْفَ الأخِيرَ منهُ، وجَعَلْنَاهُ أوَّلَه، والكَلِمَةُ إذا قُطِع منها الحرْفُ الأخيرُ صارت كنصْفِ كَلِمَة، ونِصْفُ الكلمةِ لا تَقْبَلُ الإعراب، ومن حيث إنَّ ذلك الحَرْفَ الذي قَطَعْنَاهُ، لم نحذِفْهُ بالكُلِّيَّة، بل ألصَقْنَاهُ بأوَّلِ الكَلِمَةِ، فَكَأنَّها بَاقِيَةٌ بِتَمامِهَا، فلا جرم مَنْعْنَاهُ في بَعْضِ وُجُوه الإعراب دون البَعْض.
الثاني - وبه قال الفراء -: أن «أشْيَاء» جمع ل «شَيْء» ، والأصل في «شَيْء» : «شَيِّئ» على «فَيْعِلٍ» ك «لَيِّن» ، ثم خُفِّفَ إلى «شَيْء» ؛ كما خففوا لَيناً، وهَيِّناً، وميِّتاً إلى لَيْنٍ، وهيْنٍ، وميْتٍ، ثم جمعه بعد تخفيفه، وأصله «أشْيِئَاء» بهمزتين بينهما ألفٌ بعد ياءٍ بزنة «أفْعِلاء» ، فاجتمع همزتان: لامُ الكلمة والتي للتأنيث، والألف تشبهُ الهمزة والجَمْعُ ثقيلٌ، فخَفَّفُوا الكلمة؛ بأن قلبوا الهمزة الأولى ياءً؛ لانكسار ما قبلها، فيجتمع ياءان، أولاهما مكسورةٌ، فحذفوا الياء التي هي عينُ الكلمة تخفيفاً، فصارت «أشْيَاء» ، ووزنها الآن بعد الحذف «أفْلاء» فمَنْعُ الصرف؛ لأجْلِ ألفِ التأنيثِ، وهذه طريقةُ بعضهم في تَصْريف هذا المذهب؛ كمكي بن ابي طالب، وقال بعضهم كأبي البقاء: لمَّا صارت إلى أشْيِئَاء، حُذِفَتِ الهمزة الثانيةُ التي هي لام الكلمة؛ لأنَّها بها حصل الثِّقَلُ، وفُتِحَتِ الياءُ المكسورةُ؛ لتسلمَ ألف الجَمْعِ، فصار وزنُها: أفْعَاء.
المذهب الثالث - وبه قال الأخفش -: أنَّ أشْياء جمعُ «شَيْءٍ» [بزنة فَلْسٍ، أي: ليس مخفَّفاً من «شَيِّئ» ، كما يقوله الفرَّاء، بل جمع «شَيْء» ] ، وقال: إنَّ فَعْلاً يجمعُ على أفْعِلاَء، فصار أشْيِئَاء بهمزتَيْنِ بينهما ألفٌ بعد ياء، ثم عُمِلَ فيه ما عُمِلَ في مذْهَب الفرَّاء، والطريقانِ المذْكُوران عن مَكِّيٍّ وأبي البقاء في تصريف هذا المذهب جاريان هنا، وأكثر المصنِّفين يذكرون مذهب الفرَّاء عنه وعن الأخفش، قال مكي: «وقال الفرَّاء والأخفش؛ والزياديُّ:» أشْيَاء «وزنها» أفْعِلاء «، وأصلها» أشْيِئَاء «؛ ك» هَيِّنٍ وأهْوِنَاء «،

الصفحة 543