كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 7)
يلزمُهُم أن يُصَغِّروا» أشْيَاء «على» شُوَيَّات «، أو على» شُيَيْئَات «، وذلك لم يَقُلْه أحد» .
قال شهاب الدين: قوله «شُوَيَّات» ليس بجيِّد؛ فإن هذا ليس موضع قلب الياء واواً، ألا ترى أنك إذا صغَّرْتَ بيتاً، قلت: بُيَيْتاً لا بُوَيْتاً، إلاَّ أنّ الكوفيِّين يُجيزُونَ ذلك، فيمكنُ أن يُرَى رأيهم، وقد ردَّ مكيٌّ أيضاً مذهب الفراء والأخفش بشيئين:
أحدهما: أنه يلزمُ منه عدمُ النظير؛ إذ لم يقع «أفْعِلاء» جمعاً ل «فَيْعِل» فيكون هذا نظيرهُ، وهَيِّن وأهْوِنَاء شاذٌّ لا يقاس عليه.
والثاني: أن حذفه واعتلاله مُجْرى على غير قياسٍ، فهذا القولُ خارجٌ في جمعه واعتلاله عن القياس والسَّماع.
المذهب الرابع - وهو قول الكسائي وأبي حاتم -: أنها جمعُ شيءٍ على أفعالٍ ك «بَيْتٍ» و «أبْيَاتٍ» و «ضَيْفٍ» و «أضْيَافٍ» ، واعترض الناس هذا القول؛ بأنه يلزم منه منعُ الصرفِ بغير علته؛ إذ لو كان على «أفْعَال» ، لانصرفَ كأبْيَاتٍ، قال الزجَّاج «أجمع البصريُّون وأكثر الكوفيِّين على أن قول الكسائيِّ خطأ، وألزموه ألاَّ يصرفَ أنْبَاء وأسْمَاء» . قال شهاب الدين: والكسائيُّ قد استشعر بهذا الردِّ، فاعتذر عنه، ولكن بما لا يُقْبَلُ، قال الكسائيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: «هي - أي أشياء - على وزن أفعالٍ، ولكنها كَثُرَتْ في الكلام، فأشبهَتْ فعلاء، فلم تُصْرَف كما لم يُصْرَفْ حَمْرَاء» ، قال: «وجَمَعُوهَا أشَاوَى، كما جمعوا عذرَاء وعَذارَى، وصَحْرَاء وصَحَارى، وأشْيَاوَات كما قيل حَمْرَاوَات» ، يعني أنهم عاملوا «أشْيَاء» ، وإن كانت على أفعالٍ معاملةَ حَمْرَاء وعَذْرَاء في جمعي التكسير والتصحيح، إلا أن الفرَّاء والزجَّاج اعترضا على هذا الاعتذار، فقال الفرَّاء: «لو كان كما قال، لكان أملكَ الوجهين أنْ تُجْرَى؛ لأن الحرْفَ إذا كَثُرَ في الكلام، خَفَّ وجاز أن يُجْرَى كما كَثُرَتِ التسميةُ ب» يَزِيدَ «، وأجروه في النَّكرة، وفيه ياءٌ زائدةٌ تَمْنَعُ من الإجراء» . والمراد بالإجراء الصرْفُ، وقال الزجَّاج: «أجمع البصريون وأكثر الكوفيِّين» وقد تقدَّم آنفاً، وقال مكي: «وقال الكسائيُّ وأبو عُبَيْد: لم تَنْصَرِفْ - أي أشياء -؛ لأنها أشبهت» حَمْرَاء «؛ لأن العرب تقول:» أشْيَاوَات «كما تقول:» حَمْرَاوَات «قال:» ويلزمُهما ألاَّ يَصْرِفَا في الجمْعِ أسْمَاء وأبْنَاء لقول العرب فيهما: أسْمَاوَات وأبْنَاوَات «، وقد تقدَّم شرح هذا، ثم إنَّ مَكِّيًّا - رَحِمَهُ اللَّهُ - بعد أن ذكر عن الكسائيِّ ما تقدَّم، ونقل مذهب الأخفشِ والفرَّاء، قال:» قال أبو حاتم: أشياء أفعال جمع شَيءٍ كأبياتٍ «فهذا يُوهِمُ أن مذهب الكسائيِّ المتقدِّمَ غيرُ هذا المذهب، وليس كذلك، بل هو هو، وقد أجاب بعضهم عن الكسائيِّ بأن النحويِّين قد اعتبروا في باب ما لا يَنصرِفُ الشبه اللفظيَّ،
الصفحة 545
640