كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 7)

دون المعنويَّ، يَدُلُّ على ذلك مسألةُ» سَراويلَ «في لغةِ مَنْ يمنعُه؛ فإنَّ فيه تأويليْن: أحدهما: أنه مفردٌ أعجميٌّ، حُمِلَ على مُوازنِهِ في العربيَّة، أي صيغة مصابيح مثلاً؛ ويدُلُّ له أيضاً أنهم أجروا ألف الإلحاقِ المقْصُورة مُجْرَى ألف التأنيث المقْصُورة، ولكن مع العلميَّة، فاعتبروا مُجَرَّدَ الصُّورة.
المذهب الخامس: أنَّ وزنها «أفْعِلاء» أيضاً جَمْعاً ل «شَييءٍ» بزنة «ظَرِيفٍ» ، وفعيلٌ يجمع على أفْعِلاء، ك «نَصِيبٍ وأنْصِبَاء» ، و «صَديقٍ وأصْدِقَاء» ، ثم حُذِفت الهمزة الأولى التي هي لامُ الكلمة، وفُتحتِ الياءُ؛ لتسلمَ ألفُ الجمع؛ فصارت أشياء، ووزنُها بعد الحذف أفْعَاء، وجعله مَكِّيٌّ في التصريف كتصريف [مذهب] الأخفشِ؛ من حيث إنه تُبْدَلُ الهمزة ياءً، ثم تُحْذفُ إحدى الياءين، قال - رَحِمَهُ اللَّهُ -: «وحَسَّنَ الحذفَ في الجمع حَذْفُها في الواحد، وإنما حُذِفَتْ من الواحد؛ تخفيفاً لكثرة الاستعمال؛ إذ» شَيْء «يقعُ على كل مُسَمًّى من عرضٍ، أو جوهرٍ، أو جسمٍ، فلم ينصرفْ لهمزةِ التأنيثِ في الجمع» ، قال: «وهذا قولٌ حسنٌ جارٍ في الجَمْعِ، وتُرِكَ الصرفُ على القياس، لولا أنَّ التصغير يعترضُهُ، كما اعترض الأخْفَش» . قال شهاب الدين: قوله «هذا قول حسن» ، فيه نظر؛ لكثرة ما يَرِدُ عليه، وهو ظاهر ممَّا تقدَّم، ولمَّا ذكر أبو حيان هذا المذهب، قال في تصريفه: «ثمَّ حذفتِ الهمزة الأولى، وفتحت ياءُ المدِّ؛ لكون ما بعدها ألفاً» ، قال: «وَزْنُهَا في هذا القولِ إلى» أفْيَاء «، وفي القول قبله إلى» أفْلاء «، كذا رأيته» أفْيَاء «، بالياء، وهذا غلطٌ فاحشٌ، ثم إنِّي جوَّزتُ أن يكون هذا غلطاً عليه من الكاتبِ، وإنما كانت» أفْعَاء «بالعين، فصحَّفها الكاتب إلى» أفْيَاء «، وقد ردَّ الناس هذا القول: بأنَّ أصل شَيْء:» شَيِيءٌ «بزنة» صديقٍ «دعوى من غير دليل، وبأنه كان ينبغي ألاَّ يُصَغَّر على لفظه، بل يُرَدُّ إلى مفرده؛ كما تقدم تحريره.
وقد تلخص القول في «أشْيَاء» : أنها هَلْ هي اسمُ جمعٍ، وأصلها «شَيْئَاء» ؛ كطَرْفَاء، ثم قُلِبت لامُها قبل فائِها، فصار وزنُها «لَفْعَاء» أو جمعٌ صريحٌ؟ وإذا قيل بأنها جمعٌ صريحٌ، فهل أصلها «أفْعِلاء» ثم تحذفُ، فتصير إلى «أفْعَاء» أو «أفْلاَء» ، أو أنَّ وزنها «أفْعَال» ؛ كأبْيَات.
قوله تعالى: «إنْ تُبْدَ» شرط، وجوابه «تَسُؤكُمْ» ، وهذه الجملة الشرطية في محلِّ جرِّ صفةً ل «أشْيَاء» ، وكذا الشرطيَّة المعطوفة أيضاً، وقرأ ابن عبَّاس: «إنَّ تَبْدُ لَكُمْ تَسُؤكُمْ» ببناء الفعليْنِ للفاعلِ، مع كون حرف المضارعةِ تاءً مثنَّاةً من فوقُ، والفاعل ضميرُ «أشْياء» ، وقرأ الشعبي - فيما نقله عنه أبو محمَّد بن عطيَّة: «إنْ يَبْدُ» بفتح الياء من

الصفحة 546