كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 7)

إِلاَّ نَفْسَكَ} [النساء: 84] ، وذَلِكَ لم يَدُلَّ على سُقُوطِ الأمْرِ بالمَعْرُوف عن الرَّسُولِ، فَكَذَا هَاهُنَا.
ثم قال تعالى: {إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً} ، أي: الضَّال والمُهْتَدِي {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي يُجَازيكُمْ بأعمالِكُمْ.
لَمَّا أمَر اللَّه تعالى بِحِفْظِ النَّفْسِ في قوله «عَلَيْكُمْ أنْفُسَكُمْ» ، أمر بِحفْظِ المالِ في هذه الآية.
قال القُرْطُبِي: وردَ لَفْظُ الشَّهَادة في القُرآنَ على أنْوَاع مُخْتَلِفَةٍ:
الأول: بِمَعْنَى الحُضُور، قال تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] .
الثاني: بمعنى قَضَى، أي: أعلم قال تعالى: {شَهِدَ الله أَنَّهُ لاَ إله إِلاَّ هُوَ} [آل عمران: 18] .
قال أبو عُبَيْدَة: الثالث: بمعنى أقرَّ، قال تعالى: {والملاائكة يَشْهَدُونَ} [النساء: 166] .
الرابع: شَهِدَ بمعنى حَكَم، قال تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ} [يوسف: 26] .
الخامس: شَهِدَ بمعنى حَلَف، قال تعالى {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور: 6] أي: أنْ يَشْهَدَ أرْبَع شَهَادَاتٍ باللَّهِ.
السادس: شَهِدَ بمعنى وصَّى، قال تعالى: {يِا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الموت} ، وقيل مَعْنَاهَا هنا الحُضُور للوصيَّة، يقال: «شَهِدْتُ وصيَّةَ فلانٍ» أي: حَضَرْتُ، وذهَب الطَّبَري إلى أنَّ الشَّهَادةَ بِمَعْنَى اليمين، فيكُونُ المَعْنَى: يَمِينُ مَا بَيْنَكُم أنْ يَحْلِفَ اثْنَان، ويَدُلُّ على ذَلِك، أنَّهُ يُعْلَمُ للَّه حُكْم يَجِبُ فيه على الشَّاهِدِ يَمِينٌ، وهذا

الصفحة 562