كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 7)
الرابع: أنه خبر مُبْتدأ، أي: الشَّاهدان اثْنَانِ.
الخامس: أنه فاعلٌ سَدَّ مسدَّ الخبر، وأنَّ في «إذَا» وجهين: إمَّا النَّصْبَ على الظرفيَّة، وإمَّا الرفع على الخَبَرِيَّة ل «شَهَادَةُ» ، وكل هذا بَيِّنٌ مما لَخَّصْتُه قبلُ، وقراءةُ الحسن برفعها منونةً تتوجه بما تقدَّم في قراءة الجُمْهور من غير فَرْقٍ.
وأمَّا قراءةُ النصبِ، ففيها ثلاثةُ أوجهٍ:
أحدها - وإليه ذهب ابن جنِّي -: أنها منصوبةٌ بفعل مضمرٍ، و «اثْنَان» مرفوعٌ بذلك الفعل، والتقدير: ليُقِمْ شهادةَ بَيْنكُمُ اثْنَانِ، وتبعه الزمخشريُّ. وقد ردَّ أبو حيان هذا؛ بأن حذف الفعل وإبقاء فاعله، لم يُجِزْهُ النحويون، إلا أن يُشْعِرَ به ما قبله؛ كقوله تعالى: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغدو والآصال رِجَالٌ} [النور: 36 - 37] في قراءة ابن عامر وأبي بَكْرٍ، أي: يُسَبِّحُهُ رجال؛ ومثله: [الطويل]
2062 - لِيُبْكَ يَزِيدُ ضَارعٌ لِخُصُومَةٍ ... ومُخْتَبِطٌ مِمَّا تُطِيحُ الطَّوائِحُ
وفيه خلافٌ: هل يَنْقاسَ أو لا؟ أو يُجَابَ به نَفْيٌ؛ كقوله: [الطويل]
2063 - تَجَلَّدْتَ حَتَّى قِيلَ: لَمْ يَعْرُ قَلْبَهُ ... مِنَ الوَجْدِ شَيْءٌ قُلْتُ: بَلْ أعْظَمُ الوَجْدِ
أي: بَلْ عراه أعظمُ الوجْدِ، وما نحْنُ فيه ليس من الأشياء الثلاثة.
الثاني: أن «شَهَادَةً» بدل من اللفظ بفعل، أي: إنها مصدر ناب مناب الفعلِ، فيعملُ عملَه، والتقدير: لِيَشْهد اثْنَانِ، ف «اثْنَانِ» فاعل بالمصدر، لنيابته منابَ الفعلِ، أو بذلك الفعلِ المحذوفِ، على حسبِ الخلاف في أصل المسألة، وإنما قدَّرْتُه «لِيَشْهَدِ اثْنَانِ» ، فأتيتُ به فعلاً مضارعاً مقروناً بلام الأمر، ولم أقدِّرْهُ فِعْلَ أمر بصيغة «افْعَلْ» ؛ كما يُقَدِّرُه النحويُّون في نحو: «ضَرْباً زَيْداً» ، أي: «اضْرِبْ» لأنَّ هذا قد رفع ظاهراً وهو «اثنانِ» ، وصيغةُ «افْعَلْ» لا ترفع إلا ضميراً مستتراً إن كان المأمور واحداً؛ ومثلُه قوله: [الطويل]
2065 - ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ..... فَنَدْلاً زُرَيْقُ المَالَ نَدْلَ الثَّعَالِبِ
الصفحة 566
640