كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 7)

منتصبٌ انتصابَ مصدره على معنى: أيَّ إجابةٍ أجِبْتُمْ] ، ولو أُريدَ الجوابُ، لقيل: بمَاذا أُجِبْتُمْ «، أي: لو أُريدَ الكلامُ المجابُ، لقيل: بماذا، ومِنْ مجيء» مَاذَا «كلِّه مصدراً قوله: [البسيط]
2075 - مَاذَا يَغِيرُ ابنَتَيْ رَبْعٍ عَوِيلُهُمَا ... لاتَرْقُدانِ وَلاَ بُؤسَى لِمَنْ رَقَدَا
الثاني: أن «مَا» استفهاميةٌ في محلِّ رفع بالابتداء، و «ذَا» خبره، وهي موصولةٌ بمعنى «الَّذي» ؛ لاستكمال الشرطَيْن المذكورَيْن، و «أُجِبْتُمْ» صلتُها، والعائدُ محذوفٌ، أي: ما الَّذي أجِبْتُمْ به، فحذفَ العائد، قاله الحُوفِيُّ، وهذا لا يجوزُ؛ لأنه لا يجوزُ حذفُ العائدِ المجرورِ، إلا إذا جُرَّ الموصولُ بحرف مثلِ ذلك الحرفِ الجارِّ للعائد، وأنْ يَتَّحِدَ متعلَّقاهُمَا؛ نحو: «مَرَرْتُ بالَّذي مَرَرْتَ» ، أي: به: وهذا الموصولُ غير مَجْرُورٍ، لو قلتَ: «رَأيْتُ الذي مَرَرْتَ» ، أي: مررتَ به، لم يجُزْ، اللهم إلا أنْ يُدَّعى حَذْفُهُ على التدريج أن يُحْذَفَ حرفُ الجرِّ، فيصلَ الفعلُ إلى الضمير، فيحذفَ؛ كقوله: {وَخُضْتُمْ كالذي خاضوا} [التوبة: 69] ، أي: في أحدِ أوجهه، وقوله: {فاصدع بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: 94] في أحد وجهيه، وعلى الجملةِ فهو ضيعف.
الثالث: أنَّ «مَا» مجرورةٌ بحرفِ جَرٍّ مقدَّرٍ، لمَّا حُذِفَ بقيتْ في محلِّ نصبٍ، ذكره أبو البقاء وضعَّف الوجه الذي قبله - أي كون ذا موصولةً - فإنه قال: «مَاذَا في موضعِ نصْبٍ ب» أُجبْتُمْ «، وحرفُ الجرِّ محذوفٌ، و» مَا «و» ذَا «هنا بمنزلةِ اسْمٍ واحدٍ، ويَضْعُفُ أنْ تُجْعَلَ» مَا «بمعنى» الَّذِي «؛ لأنه لا عائد هنا، وحذفُ العائدِ مع حرفِ الجَرِّ ضعيفٌ» . قال شهاب الدين أمَّا جَعْلُه حذفَ العائدِ المجرورِ ضعيفاً، فصحيحٌ تقدَّم شرحُه والتنبيهُ عليه، وأمَّا حذفُ حرفِ الجر وانتصابُ مجرورِه، فهو ضيعفٌ أيضاً، لا يجوزُ إلاَّ في ضرورةٍ؛ كقوله: [الطويل]
2076 - فَبِتُّ كَأنَّ العَائِدَاتِ فَرَشْنَنِي..... ... ... ... ... ... ... ... ...
وقوله: [الطويل]
2077 - ... ... ... ... ... ... ... ... ..... وأُخْفِي الَّذِي لَوْلاَ الأسَى لَقَضَانِي

الصفحة 591