كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 7)

وقوله: [الوافر]
2078 - تَمُرُّونَ الدِّيَارَ وَلَمْ تَعُوجُوا..... ... ... ... ... ... ... ... ...
وقد تقدَّم تحقيقُ ذلك، واستثناءُ المطَّرِد منه، فقد فرَّ من ضعيفٍ، ووقع في أضْعَفَ منه.
الرابع: قال ابن عطيَّة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: «معناه: ماذا أجابَتْ به الأممُ» ، فجعل «مَاذَا» كنايةً عن المُجَابِ به، لا المصدرِ، وبعد ذلك، فهذا الكلامُ منه محتملٌ أنْ يكونَ مثل ما تقدَّمَ حكايتُهُ عن الحُوفِيِّ في جعله «مَا» مبتدأ استفهاميةً، و «ذَا» خبره؛ على أنها موصولةٌ، وقد تقدَّم التنبيهُ على ضعفه، ويُحْتملُ أن يكون «مَاذَا» كلُّه بمنزلةِ اسمِ استفهامٍ في محلِّ رفع بالابتداء، و «أُجِبْتُمْ» خبرُه، والعائدُ محذوفٌ؛ كما قدَّره هو، وهو أيضاً ضعيفٌ؛ لأنه لا يُحْذَفُ عائدُ المبتدأ، وهو مجرورٌ إلا في مواضعَ ليس هذا منها، لو قلت: «زَيْدٌ مَرَرْتُ» لم يَجُزْ، وإذا تبيَّن ضعفُ هذه الأوجهِ، رُجِّح الأول.
والجمهورُ على «أُجِبْتُمْ» مبنيًّا للمفعول، وفي حذفِ الفاعل هنا ما لا يُبْلَغُ كُنهُهُ من الفصاحة والبلاغة؛ حيث اقتصرَ على خطاب رسله غيرَ مذكورٍ معَهُم غيرُهم؛ رفْعاً من شأنهم وتشريفاً واختصاصاً، وقرأ ابن عبَّاس وأبو حيوة «أجَبْتُمْ» مبنيًّا للفاعل، والمفعول محذوف، أي: ماذا أجَبْتُمْ أمَمَكُمْ حين كَذَّبُوكُمْ وآذَوْكُمْ، وفيه توبيخٌ للأمَمِ، وليستْ في البلاغةِ كالأولى.
فإن قيل: أيُّ فائِدَةٍ في هذا السُّؤال، فالجوابُ: توبيخُ قَوْلِهم كقوله: {وَإِذَا الموءودة سُئِلَتْ بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8، 9] ، المَقْصُودُ مِنْهُ تَوْبِيخُ من فعل ذَلِك الفِعْلَ.
وقوله تعالى: {إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الغيوب} ، كقوله: {إِنَّكَ أَنْتَ العليم الحكيم} في البقرة [32] . والجمهورُ على رفع «عَلاَّمُ الغُيُوبِ» ، وقرئ بنصبه، وفيه أوجهٌ ذكرها الزمخشريُّ وهي: الاختصاصُ، والنداءُ، وصفةٌ لاسم «إنَّ» ؛ قال: «وقُرئ بالنصْب على أنَّ الكلامَ قد تَمَّ عند قوله» إنَّكَ أنْتَ «، أي: إنَّكَ الموصوفُ بأوصَافِكَ المعرُوفة من العلمِ وغيره، ثم انتصَبَ» علاَّمَ الغُيُوبِ «على الاختصاصِ، أو على النداء، أو هو صفةٌ لاسْمِ» إنَّ «، قال أبو حيان:» وهو على حذفِ الخبر لفهم المعنى، فَتَمَّ الكلامُ بالمقدَّرِ في قوله «إنَّك أنْتَ» ، أي: إنَّك الموصوفُ بأوصافِكَ المعروفةِ من العلمِ وغيره «، ثم قال:» قال الزمخشريُّ: ثم انتصبَ، فذكره إلى آخره «فزعمَ أنَّ الزمخشريَّ قدَّر ل» إنَّكَ «خبراً

الصفحة 592