كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 7)

الحواريون: يا عيسى ابن مَرْيَمَ} [المائدة: 112] : «عِيسَى في محل النصب على إتباع حركته حركة الابْنِ؛ كقولك:» يَا زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو «، وهي اللغة الفاشيةُ، ويجوزُ أن يكون مضموماً؛ كقولك» يَا زَيْدُ بْنَ عَمْرٍو «، والدليل عليه قوله: [المتقارب]
2084 - أحَارُ بنَ عَمْرٍو كأنِّي خَمِرْ..... ... ... ... ... ... ... ... ... . .
لأنَّ الترخيم لا يكونُ إلا في المضموم» . انتهى، فاحتاج إلى الاعتذار عن تقديرِ الضمة، واستشهد لها بالبيتِ؛ لمخالفتِها اللغة الشهيرة.
وقولنا: «المُفْرَد» تحرُّزٌ من المُطَوَّل، وقولنا «المَعْرِفَة» تحرُّز من النكرة؛ نحو: [ «يا رَجُلاً ابْنَ رَجُلٍ» إذا لم تَقْصِدْ به واحداً بعينه، وقولنا: «الظاهر الضَّمَّةِ» تحرُّزٌ من نحو:] «يَا مُوسَى بْنَ فُلانٍ» ، وكالآية الكريمة، وقولنا ب «ابْن» تحرُّزٌ من الوصف بغيره؛ نحو: «يا زَيْدُ صَاحِبَنَا» ، وقولنا: «بين عَلَميْنِ أو اسمَيْن متفقين لفظاً» تحرُّزٌ من نحو: «يَا زَيْدُ [بْنَ أخِينَا» ] ، وقولنا: «غيرَ مَفْصُولٍ» تحرُّزٌ من نحو: «يَا زَيْدُ العَاقِلُ ابْنَ عَمْرٍو» ؛ فإنه لا يجوز في جميع ذلك إلا الضَّمُّ، وقولنا [ «وَصْفٌ» ] تحرُّزٌ من أن يكون الابْنُ خبراً، لا صفة؛ نحو: «زَيْدٌ ابْنُ عَمْرٍو» ، وهل يجوزُ إتباعُ «ابن» له فيُضمُّ نحو: «يا زيد بنُ عمرو» بضم «ابن» ؟ فيه خلافٌ.
وقولنا: «أحْكَام» ، وقد تقدَّم منها ما ذكرنَاه من جوازِ فتحهِ إتباعاً، ومنها: حَذْفُ ألفه خَطًّا، ومنها: حَذْفُ تنوينه في غير النداء؛ لأنَّ المنادى لا تنوينَ فيه وفي قوله: «ابْنَ مريمَ» ثلاثةُ أوجه:
أحدها: أنه صفةٌ؛ كما تقدَّم، والثاني: أنه بدلٌ، والثالث: أنه بيانٌ؛ وعلى الوجهين الأخيرَيْن: لا يجوزُ تقديرُ الفتحة إتباعاً؛ إجماعاً، لأنَّ الابنَ لم يَقَعْ صفةً، وقد تقدَّم أنَّ ذلك شرطٌ.
وأرَادَ بالنِّعْمَة: الجَمْع كقوله: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَآ} [النحل: 18] ، وإنَّمَا جاز ذلك؛ لأنَّهُ مضافٌ يَصْلُح للجِنْسِ.
فصل
قال القُرْطُبِي: إنما ذَكَّرَ الله - تبارك وتعالى - عيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -

الصفحة 598