كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 7)

لِلْعَوْدِ من التَّرَحِ إلى الفَرَح، وهو اسم لما اعتدته يَعُودُ إليك، وقد تَقدَّم.
وقال السدي: مَعْنَاهُ يُتَّخَذُ اليومُ الذي أنْزِلَتْ فيه عِيداً لأوَّلنا لأهلِ زماننا، وآخرنا لمن يجيء بَعْدَنا.
وقال ابنُ عباسٍ: يأكلُ منها آخِرُ النَّاسِ كما أكَلَ أوَّلُهُم.
قوله: «وآيةً مِنْكَ» دِلاَلَةً وحُجَّةً.
قيل: نَزَلَتْ يوم الأحد، فاتَّخَذَهُ النَّصَارى عِيداً. وقوله «وارْزُقْنَا» أي: طعاماً نَأكُلُه {وَأَنتَ خَيْرُ الرازقين} .
قرأ نافعٌ وابنُ عامرٍ وعاصمٌ: «مُنَزِّلُهَا» : بالتشديد، فقيل: إنَّ أنْزَلَ ونَزَّلَ بمعنًى، وقد تقدَّم تحقيق ذلك، وقيل: التشديدُ للتكثير، فإنها نزلت مرَّاتٍ متعددة.
قوله: «بَعْدُ» : متعلِّق ب «يَكْفُرْ» ، وبُنِي؛ لقَطْعِه عن الإضافة؛ إذ الأصل: بَعْدَ الإنْزَالِ، و «مِنْكُمْ» متعلِّقٌ بمحذوفٍ؛ لأنه حال من فاعل «يَكْفُرْ» ، وقوله: «عَذَاباً» فيه وجهان:
أظهرهما: أنه اسمُ مصدرٍ بمعنى التعذيب، أو مصدرٌ على حذفِ الزوائد؛ نحو: «عَطَاء ونَبَات» ل «أعْطَى» و «أنْبَتَ» ، وانتصابُهُ على المصدريَّة بالتقديرين المذكورين.
والثاني - أجازه أبو البقاء -: أن يكون مفعولاً به على السَّعَة، يعني: جَعَلَ الحَدَثَ مفعولاً به على السَّعة؛ مبالغةً، وحينئذٍ يكون نصبه على التشبيه بالمفعول به، والمنصوبُ على التشبيه بالمفعول به عند النحاة ثلاثةُ أنواعٍ: معمولُ الصفةِ المشبهة، والمصدرُ، والظرفُ المتَّسَعُ فيهما:
أمَّا المصدرُ، فكما تقدَّم، وأمَّا الظرفُ، فنحو: «يَوْمَ الجُمُعَةِ صُمْتُهُ» ، ومنه قوله في ذلك: [الطويل]
2099 - وَيَوْمٍ شَهِدْنَاهُ سُلَيْماً وعَامِراً ... قَلِيلٌ سِوَى الطَّعْنِ النِّهَالِ نَوَافِلُهْ

الصفحة 613