كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 7)

شاء، وإنما يريد بذلك أنه متعلق بهما من جهة المعنى.
فصل
قوله: {فَإِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم} قيل: فيه تَقْدِيمٌ وتأخِيرٌ تقديرُهُ: وإنْ تغفِرْ لهم فإنَّهُم عبادُكَ، وإن تُعذِّبْهُم، فإنَّك أنْتَ العزيزُ في المُلْكِ، الحكيمُ في القضاءِ، لا يَنْقُصُ من عزِّك شَيءٌ، ولا يَخْرجُ عَنْ حُكْمِكَ، ويدخُلُ في حُكْمِهِ، وسِعَتْ رَحْمَتُهُ مَغْفِرةُ الكُفَّارِ، ولكِنَّه أخْبَرَ أنَّه لا يَغْفِرُ لَهُمْ، وهُوَ لا يُخلِفُ خَبَرهُ.
روى عَمْرُو بنُ العَاصِ: «أنَّ النبيَّ - عليه الصَّلاة والسَّلام - تَلاَ قولَهُ تبارك وتعالى: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ الناس فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} [إبراهيم: 36] الآية، وقول عيسى - عليه السَّلام:» إنْ تُعَذِّبْهُم فإنَّهُمْ عِبَادُك وإنْ تَغْفِرْ لَهُم فإنَّك أنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ «، فرفعَ يَديهِ وقال:» اللَّهُمَّ أمَّتِي، اللَّهُمَّ أمَّتِي «فقال اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ -: يا جِبْريلُ اذْهَبْ إلى مُحَمَّدٍ - عليه الصَّلاة والسَّلام - وَرَبُّكَ أعْلَمُ، فسله ما يُبْكِيه، فأتَاهُ جِبْرِيلُ فسألَه، فأخْبَرَهُ رَسُولُ الله، فقال اللَّهُ: يا جبريلُ اذهبْ إلى رسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فأخْبِرْهُ وقلْ لَهُ إنَّا سَنُرْضِيكَ في أمَّتِكَ وَلاَ نَسُوءُكَ» .
قرأ الجمهور «يومُ» بالرفع تنوين، ونافع بالنصب من غير تنوين واختاره أبو عبيدة ونقل الزمخشري عن الأعمش «يوماً» بنصبه منوناً، وابن عطية عن الحسن بن عياش الشامي: «يوم» برفعه منوناً، فهذه أربع قراءات. فأما قراءة الجمهور فواضحةٌ على المبتدأ والخبر، والجملةُ في محل نصب بالقول. وأمَّا قراءة نافع ففيها أوجه، أحدها: أنَّ «هذا» مبتدأ، و «يوم» خبره كالقراءة الأولى، وإنما بُنِي الظرفُ لإضافته إلى الجملة الفعلية وإن كانت معربةً، وهذا مذهب الكوفيين، واستدلُّوا عليه بهذه القراءةِ، وأمَّا البصريون فلا يجيزون البناء إلا إذا صُدِّرت الجملةُ المضافُ إليها بفعلٍ ماضٍ، وعليه قولُ النابغة: [الطويل]
2101 - عَلَى حينَ عَاتَبْتُ المشِيبَ على الصِّبَا ... فَقُلْتُ: ألَمَّا أصْحُ والشَّيْبُ وَازعُ

الصفحة 626