كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 7)

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ هُوَ الْفَزَارِيّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ ابْتَاعَ مِنْ بُرْدٍ مَوْلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ نَاقَةً بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ فَجَاءَ يَلْتَمِسُ حَقَّهُ؟ فَقُلْت: عِنْدِي دَرَاهِمُ لَيْسَ عِنْدِي دَنَانِيرُ؟ فَقَالَ: حَتَّى أَسْتَأْمِرَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَاسْتَأْمَرَهُ؟ فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ: خُذْ مِنْهُ دَنَانِيرَ عَيْنًا، فَإِنْ أَبَى فَمَوْعِدُهُ اللَّهُ، دَعْهُ.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ ابْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ: بِعْت جَزُورًا بِدَرَاهِمَ إلَى الْحَصَادِ، فَلَمَّا حَلَّ قَضَوْنِي حِنْطَةً، وَشَعِيرًا، وَسَلْتًا، فَسَأَلْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ؟ فَقَالَ: لَا يَصْلُحُ، لَا تَأْخُذْ إلَّا الدَّرَاهِمَ.
فَهَؤُلَاءِ: عُمَرُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَالنَّخَعِيُّ
وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنُ سِيرِينَ، وَابْنُ الْمُسَيِّبِ
وَهَذَا مِمَّا تَرَكُوا فِيهِ الْقُرْآنَ فِي تَحْرِيمِهِ أَكْلَ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ لِخَبَرٍ سَاقِطٍ مُضْطَرِبٍ وَقَوْلُنَا هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَقَوْلُ ابْنِ شُبْرُمَةَ
وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِانْتِصَافِ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40]
قَالَ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]
فَهَذَا عُمُومٌ لِكُلِّ مَا أَمْكَنَ الْمَمْنُوعُ حَقُّهُ أَنْ يَنْتَصِفَ بِهِ، أَوْ بِأَنْ يُوَكِّلَ غَرِيمَهُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ عِنْدَهُ، وَبِأَنْ يَبْتَاعَ لَهُ مَا يُرِيدُ: فَهَذَا جَائِزٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة بَيْع دقيق الْقَمْح]
1493 - مَسْأَلَةٌ:
وَاسْتَدْرَكْنَا مُنَاقَضَاتٍ لَهُمْ يُعَارِضُونَ بِهَا أَنْ شَنَّعُوا عَلَيْنَا بِبَيْعِ الْقَمْحِ بِدَقِيقِهِ وَدَقِيقِ غَيْره مُتَفَاضِلًا، وَتَسْلِيمِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ دَقِيقِ الْقَمْحِ بِدَقِيقِ الْقَمْحِ، وَبِالْخُبْزِ وَالزَّيْتِ بِالزَّيْتُونِ وَبِالزَّيْتِ، وَاللَّبَنِ بِاللَّبَنِ، وَبِالْجُبْنِ وَالسَّمْنِ وَكُلِّ شَيْءٍ، مَا عَدَا مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ مِنْ السُّنَّةِ.
وَلَا شُنْعَةَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّنَا لَمْ نَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا حَرَّمْنَا مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا رَسُولُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَإِنَّمَا الشَّنِيعُ فِيمَا نَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى:

الصفحة 455