كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 7)

وَالْمَاءُ لَيْسَ مِلْحًا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ، وَلَا يَجُوزُ بِالْمِلْحِ.
وَلَيْسَ تَوْلِيدُ اللَّهِ تَعَالَى شَيْئًا مِنْ شَيْءٍ بِمُوجِبِ أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ هُوَ الَّذِي عَنْهُ تُوُلِّدَ، فَنَحْنُ خُلِقْنَا مِنْ تُرَابٍ، وَنُطْفَةٍ، وَمَاءٍ، وَلَسْنَا نُطْفَةً، وَلَا تُرَابًا، وَلَا مَاءً.
وَالْخَمْرُ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ الْعَصِيرِ وَهِيَ حَرَامٌ وَالْعَصِيرُ حَلَالٌ.
وَاللَّبَنُ مُتَوَلِّدٌ عَنْ الدَّمِ وَاللَّبَنُ حَلَالٌ وَالدَّمُ حَرَامٌ.
وَالْعَذِرَةُ تَسْتَحِيلُ تُرَابًا حَلَالًا طَيِّبًا.
وَالدَّجَاجَةُ تَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ فَيَصِيرَانِ فِيهَا لَحْمًا حَلَالًا طَيِّبًا.
وَالْخَلُّ مُتَوَلِّدٌ مِنْ الْخَمْرِ وَهُوَ حَلَالٌ وَهِيَ حَرَامٌ.
وَأَمَّا حُلِيُّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَهُمَا ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ بِاسْمَيْهِمَا وَصِفَاتِهِمَا وَطَبِيعَتِهِمَا فِي اللُّغَةِ وَفِي الشَّرِيعَةِ {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: 1]

[مَسْأَلَة بَاعَ ذهب أَوْ غَيْره بمثلة ثُمَّ وجد أَحَدهمَا بِمَا اشْتَرَى عَيْبًا]
1494 - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ بَاعَ ذَهَبًا بِذَهَبٍ بَيْعًا حَلَالًا، أَوْ فِضَّةً بِفِضَّةٍ كَذَلِكَ، أَوْ فِضَّةً بِذَهَبٍ كَذَلِكَ، مَسْكُوكًا بِمِثْلِهِ أَوْ مَصُوغَيْنِ، أَوْ مَصُوغًا بِمَسْكُوكٍ، أَوْ تِبْرًا أَوْ نَقَّارًا، فَوَجَدَ أَحَدَهُمَا بِمَا اشْتَرَى مِنْ ذَلِكَ عَيْبًا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا، وَقَبْلَ أَنْ يُخَيِّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ
فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَبْدَلَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ بَعْدُ، فَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَأْنِفٌ لِبَيْعٍ عَنْ تَرَاضٍ أَوْ تَارِكٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
1495 - مَسْأَلَةٌ:
فَإِنْ وَجَدَ الْعَيْبَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ، أَوْ بَعْدَ التَّخْيِيرِ وَاخْتَارَ الْمُخَيَّرُ إتْمَامَ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِنْ خَلْطٍ وَجَدَهُ مِنْ غَيْرِ مَا اشْتَرَى، لَكِنْ كَفِضَّةٍ أَوْ صُفْرٍ فِي ذَهَبٍ، أَوْ صُفْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي فِضَّةٍ، فَالصَّفْقَةُ كُلُّهَا مَفْسُوخَةٌ، مَرْدُودَةٌ، كَثُرَتْ أَمْ قَلَّتْ، قَلَّ ذَلِكَ الْخَلْطُ أَمْ كَثُرَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الَّذِي اشْتَرَى، وَلَا الَّذِي عَقَدَ عَلَيْهِ الصَّفْقَةَ، فَلَيْسَ هُوَ الَّذِي تَرَاضَى بِالْعَقْدِ عَلَيْهِ وَقَدْ تَفَرَّقَا قَبْلَ صِحَّةِ الْبَيْعِ. وَلَا يَجُوزُ فِيمَا يَقَعُ فِيهِ الرِّبَا إلَّا صِحَّةُ الْبَيْعِ بِالتَّفَرُّقِ، وَلَا خِيَارَ فِي إمْضَائِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ نَصٌّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
1496 - مَسْأَلَةٌ:
وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَحَقَّ بَعْضُ مَا اشْتَرَى أَقَلُّهُ أَوْ أَكْثَرُهُ، أَوْ لَوْ تَأَخَّرَ قَبْضُ شَيْءٍ مِمَّا تَبَايَعَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتِمَّ صَحِيحًا وَمَا لَمْ يَصِحَّ فَهُوَ فَاسِدٌ، وَكُلُّ عَقْدٍ اخْتَلَطَ الْحَرَامُ فِيهِ بِالْحَلَالِ فَهُوَ عَقْدٌ فَاسِدٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يُعْقَدْ صِحَّةُ الْحَلَالِ مِنْهُ إلَّا

الصفحة 459