كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 7)

وَلَكِنْ انْطَلِقْ إلَى الْبَقِيعِ فَبِعْ وَرِقَكَ بِثَوْبٍ أَوْ عَرَضٍ، فَإِذَا قَبَضَتْ وَكَانَ لَك فَبِعْهُ وَذَكَرَ الْخَبَرَ.
فَهَذَا عُمَرُ يَقُولُ بِذَلِكَ، وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْقَبْضَ هُوَ الَّذِي يَكُونُ الشَّيْءُ لِلْمَرْءِ وَقَوْلُنَا فِي هَذَا كَقَوْلِ الْحَسَنِ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ
وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ إنَّمَا هُوَ فِي الطَّعَامِ فَقَطْ يَعْنِي أَنْ لَا يُبَاعَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّهُ فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَقَطْ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ أَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: لَا بَأْسَ إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ الْبَيْعَ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مَا خَلَا الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ.
وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَبْتَاعَ الرَّجُلُ بَيْعًا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ بِنَقْدٍ ثُمَّ يَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ وَهُوَ قَوْلُ الْحَكَمِ وَإِبْرَاهِيمَ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَذَكَرَهُ النَّخَعِيُّ عَمَّنْ لَقِيَ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: جَائِزٌ بَيْعُ كُلِّ شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: كُلُّ مَا مُلِكَ بِعَقْدٍ يُنْتَقَضُ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهِ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ: كَالْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ، إلَّا الْعَقَارَ: فَجَائِزٌ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ.
قَالَ: وَكُلُّ مَا مُلِكَ بِعَقْدٍ لَا يُنْتَقَضُ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهِ: فَجَائِزٌ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَالصَّدَاقِ، وَالْجُعْلِ، وَالْخُلْعِ، وَنَحْوِهِ وَهَذَا قَوْلٌ لَا نَعْلَمُهُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: كُلُّ مَا يُؤْكَلُ وَالْمَاءُ: فَلَا يَحِلُّ بَيْعُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ وَمَا عَدَا هَذَيْنِ فَجَائِزٌ بَيْعُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: كُلُّ مَا يُؤْكَلُ فَقَطْ، وَأَمَّا الْمَاءُ: فَبَيْعُهُ جَائِزٌ قَبْلَ قَبْضِهِ وَجَعَلَ فِي كِلَا قَوْلَيْهِ: زَرِيعَةَ الْفُجْلِ الْأَبْيَضِ، وَزَرِيعَةَ الْجَزَرِ، وَزَرِيعَةَ السَّلْقِ: لَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا قَبْلَ الْقَبْضِ؟ فَقُلْنَا: هَذَا لَا يَأْكُلُهُ أَحَدٌ أَصْلًا، وَهَذَا الَّذِي أَنْكَرْتُمْ عَلَى

الصفحة 476