كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 7)

عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَفِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، قَالَ زَكَرِيَّا عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَقَالَ فِطْرٌ: عَنْ الْحَكَمِ، ثُمَّ اتَّفَقَ الشَّعْبِيُّ، وَالْحَكَمُ: عَلَى أَنَّ التَّوْلِيَةَ بَيْعٌ، قَالَ سُفْيَانُ: وَنَحْنُ نَقُولُ: وَالشَّرِكَةُ بَيْعٌ، وَلَا يُشْرِكُ حَتَّى يَقْبِضَ فَهَؤُلَاءِ الصَّحَابَةُ، وَالتَّابِعُونَ كَمَا تَرَى.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الشَّرِكَةُ، وَالتَّوْلِيَةُ، إنَّمَا هُوَ نَقْلُ مِلْكِ الْمَرْءِ عَيْنًا مَا صَحَّ مِلْكُهُ لَهَا، أَوْ بَعْضَ عَيْنٍ مَا صَحَّ مِلْكُهُ لَهَا إلَى مِلْكٍ غَيْرِهِ بِثَمَنٍ مُسَمًّى وَهَذَا هُوَ الْبَيْعُ نَفْسُهُ، لَيْسَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ أَلْبَتَّةَ إلَّا لِلْبَيْعِ، وَلَا يَكُونُ بَيْعٌ أَصْلًا إلَّا بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَصَحَّ أَنَّهُمَا بَيْعٌ صَحِيحٌ، وَهُمْ لَا يُخَالِفُونَنَا فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِمَا إلَّا مَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ، إلَّا فِيمَا ذَكَرْنَا هَهُنَا فَقَطْ وَهَذَا تَخْصِيصٌ بِلَا بُرْهَانٍ.
وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ: فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ بِالْمُرْسَلِ وَنَقَضُوا هَهُنَا أَصْلَهُمْ، فَتَرَكُوا مُرْسَلَ رَبِيعَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَمَا نَعْلَمُ الْمَالِكِيِّينَ احْتَجُّوا بِغَيْرِ مَا ذَكَرْنَا إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: الشَّرِكَةُ، وَالتَّوْلِيَةُ، وَالْإِقَالَةُ مَعْرُوفٌ؟ فَقُلْنَا: فَكَانَ مَاذَا؟ وَالْبَيْعُ أَيْضًا مَعْرُوفٌ، وَمَا عَهِدَنَا الْمَعْرُوفَ تُبَاحُ فِيهِ مُحَرَّمَاتٌ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكَانَ مُنْكَرًا لَا مَعْرُوفًا.
وَسَنَتَكَلَّمُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْإِقَالَةِ إثْرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَسْأَلَةٍ مُفْرَدَةٍ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

[مَسْأَلَة الْإِقَالَة بَيْع أُمّ فَسْخ]
1510 - مَسْأَلَةٌ:
وَأَمَّا الْإِقَالَةُ فَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَضُّ عَلَيْهَا: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد أَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ أَنَا حَفْصٌ هُوَ ابْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَقَالَ نَادِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ»

الصفحة 483