كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 7)

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ الشِّمْرِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا حَدِيثَا ابْنِ وَهْبٍ هَذَانِ فَأَسْقَطُ مِنْ أَنْ يُشْتَغَلَ بِهِمَا إلَّا جَاهِلٌ بِالْحَدِيثِ، أَوْ مُكَابِرٌ يَعْلَمُ الْحَقَّ فَيُولِيَهُ ظَهْرَهُ، لِأَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ وَالِاطِّرَاحِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ النَّقْلِ، وَالْآخَرَ مُنْقَطِعٌ فِي مَوْضِعَيْنِ.
ثُمَّ لَوْ صَحَّا لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِمَا حُجَّةٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا إلَّا النَّهْيُ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ فَقَطْ وَهَذَا حَقٌّ، وَلَيْسَ فِيهِ إبَاحَةُ ثَمَنِ مَا سِوَاهُ مِنْ الْكِلَابِ وَجَاءَتْ الْآثَارُ الْمُتَوَاتِرَةُ الَّتِي قَدَّمْنَا بِزِيَادَةٍ عَلَى هَذَيْنِ لَا يَحِلُّ تَرْكُهَا.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَفِي غَايَةِ السُّقُوطِ لِأَنَّ فِيهِ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ، وَالْمُثَنَّى بْنَ الصَّبَّاحِ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ جِدًّا قَدْ شَهِدَ مَالِكٌ عَلَى يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ بِالْكَذِبِ، وَجَرَحَهُ أَحْمَدُ
وَأَمَّا الْمُثَنَّى: فَجَرَّحَهُ بِضَعْفِ الْحَدِيثِ أَحْمَدُ، وَتَرَكَهُ يَحْيَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا اسْتِثْنَاءَ كَلْبِ الصَّيْدِ فَقَطْ، وَهُمْ يُبِيحُونَ مَا حُرِّمَ فِيهِ مِنْ ثَمَنِ كَلْبِ الزَّرْعِ، وَكَلْبِ الْمَاشِيَةِ، وَسَائِرِ الْكِلَابِ فَهُمْ مُخَالِفُونَ لِمَا فِيهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ: فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْهُ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ بِإِقْرَارِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَلَى نَفْسِهِ، حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّمَرِيُّ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْدِيُّ نا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْعُقَيْلِيُّ نا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْحَلْوَانِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ نا أَبِي نا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: إنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ دَفَعَ إلَيَّ كِتَابَيْنِ، فَقُلْت فِي نَفْسِي: لَوْ سَأَلْته أَسْمَعُ هَذَا كُلَّهُ مِنْ جَابِرٍ؟ فَرَجَعْت إلَيْهِ فَقُلْت: هَذَا كُلُّهُ سَمِعْته مِنْ جَابِرٍ؟ فَقَالَ: مِنْهُ مَا سَمِعْته، وَمِنْهُ مَا حَدَّثْت عَنْهُ، فَقُلْت لَهُ: أَعْلِمْ لِي عَلَى مَا سَمِعْتَ؟ فَأَعْلَمَ لِي عَلَى هَذَا الَّذِي عِنْدِي.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَكُلُّ حَدِيثٍ لَمْ يَقُلْ فِيهِ أَبُو الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ جَابِرٍ، أَوْ حَدَّثَهُ بِهِ جَابِرٌ أَوْ لَمْ يَرْوِهِ اللَّيْثُ عَنْهُ عَنْ جَابِرٍ فَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ جَابِرٍ بِإِقْرَارِهِ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَبُو الزُّبَيْرِ سَمَاعًا مِنْ جَابِرٍ، وَلَا هُوَ مِمَّا عِنْدَ اللَّيْثِ فَصَحَّ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ جَابِرٍ، فَحَصَلَ مُنْقَطِعًا.

الصفحة 495