كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 7)

النِّكَاحِ فَرْجَهُ الَّذِي كَانَ حَرَامًا عَلَيْهَا، كَمَا هُوَ مُسْتَحِلٌّ بِهِ فَرْجَهَا الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ حَرَامًا وَلَا فَرْقَ.
وَكَمَا أَوْجَبَ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَا نَدَبَ لَهَا.
وَمَرَّةً قَالُوا: أَرَأَيْتُمْ إنْ كَانَ إنَّمَا بَاعَهَا مِنْهُ بِمُدِّ تَمْرٍ أَلَيْسَ تَرْجِعُ عَلَيْهِ وَصَاعُ تَمْرٍ، أَوْ أَرَأَيْتُمْ إنْ كَانَ لَبَنُهَا كَثِيرًا جِدًّا أَوْ قَلِيلًا جِدًّا، أَلَيْسَ صَاعُ التَّمْرِ عِوَضًا مَرَّةً عَنْ نِصْفِ صَاعِ اللَّبَنِ، وَمَرَّةً عَنْ صِيعَانٍ كَثِيرَةٍ مِنْ اللَّبَنِ؟ قُلْنَا: لَا، مَا هُوَ عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ، وَأَمَّا فِي ابْتِيَاعِهِ إيَّاهَا بِمُدِّ تَمْرٍ فَنَقُولُ: نَعَمْ، فَكَانَ مَاذَا؟ {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] وَهَلَّا عَارَضْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِهَذِهِ الْمُعَارَضَةِ إذْ قُلْتُمْ: يَغْرَمُ سَيِّدُ الْآبِقِ لِمَنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا - وَإِنْ كَانَ الْآبِقُ لَا يُسَاوِي إلَّا دِرْهَمًا وَاحِدًا - وَلَا يُؤَدِّي قَاتِلُ الْأَمَةِ خَطَأً إلَّا خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ غَيْرَ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ - وَلَوْ أَنَّهَا كَانَتْ تُسَاوِي مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ؟ فَهَهُنَا فِي هَذِهِ الْحَمَاقَاتِ هُوَ الِاعْتِرَاضُ، لَا عَلَى الْمُتَيَقَّنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَمَرَّةً قَالُوا: كَانَ هَذَا الْحُكْمُ إذْ كَانَتْ الْعُقُوبَاتُ فِي الْأَمْوَالِ كَحَرْقِ رَحْلِ الْغَالِّ، وَنَحْوِ ذَلِكَ؟ فَقُلْنَا: كَذَبْتُمْ كَمَا كَذَبَ الشَّيْطَانُ، وَقُلْتُمْ مَا لَمْ يَأْتِ قَطُّ فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ، وَتِلْكَ الْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْتُمْ مُنْقَسِمَةٌ إلَى ثَلَاثِ أَقْسَامٍ -: إمَّا خَبَرٌ بَاطِلٌ، كَحَدِيثِ أَخْذِ نِصْفِ مَالِ مَانِعِ الزَّكَاةِ، وَحَدِيثِ حَرْقِ رَحْلِ الْغَالِّ، وَحَدِيثِ وَاطِئِ أَمَةِ امْرَأَتِهِ.
وَإِمَّا خَبَرٌ ثَابِتٌ، - فَحُكْمُهُ بَاقٍ كَالْكَفَّارَةِ عَلَى الْوَاطِئِ عَامِدًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَالدِّيَةِ عَلَى قَاتِلِ الْعَمْدِ إذَا رَضِيَهَا أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ، وَجَزَاءِ الصَّيْدِ.
وَإِمَّا قِسْمٌ ثَبَتَ بِنَصٍّ آخَرَ نَسْخُهُ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَمَا نَذْكُرُهُ فِي وَقْتِنَا هَذَا إلَّا أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ لَصَدَقَ - وَأَمَّا كُلُّ مَنْ ادَّعَى فِي خَبَرٍ ثَابِتٍ نَسْخًا فَهُوَ كَاذِبٌ آفِكٌ آثِمٌ قَائِلٌ عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - مَا لَمْ يَقُلْهُ، وَمُخْبِرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا لَمْ يُخْبِرْ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، قَائِلٌ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ.

الصفحة 578