كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 7)

عَيْنُهُ فِيهِ: فَهُوَ مِنْ مُصِيبَةِ الْبَائِعِ - وَإِنْ جُنَّ، أَوْ تَجَذَّمَ، أَوْ بَرِصَ، إلَى قَبْلِ تَمَامِ سَنَةٍ مِنْ بَعْدِ بَيْعِهِ لَهُ، فَإِنَّهُ مِنْ مُصِيبَةِ الْبَائِعِ.
وَمَنْ ابْتَاعَ تَمْرًا فِي رُءُوسِ الشَّجَرِ فَأَصَابَتْهُ رِيحٌ، أَوْ أَكَلَتْهُ جَرَادٌ فَمِنْ مُصِيبَةِ الْبَائِعِ، فَهُوَ يُهْنِيهِ الثَّمَنَ الَّذِي أَخَذَهُ بِالْبَاطِلِ، وَيُغَرِّمُهُ الثَّمَنَ الَّذِي أَخَذَهُ بِالْحَقِّ - وَيَجْعَلُ مِنْ مُصِيبَةِ الْمُشْتَرِي مَا حَدَثَ عِنْدَ الْبَائِعِ مِنْ الْعُيُوبِ، وَيَجْعَلُ مِنْ مُصِيبَةِ الْبَائِعِ مَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعُيُوبِ، حَاشَا لِلَّهِ مِنْ هَذَا.
حَدَّثَنَا حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاجِيَّ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنُ أَيْمَنَ نا الْحُسَيْنُ بْنُ زَكَرِيَّا نا أَبُو ثَوْرٍ نا مُعَلَّى نا هُشَيْمٌ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ الْحَارِثِ هُوَ الْعُكْلِيُّ عَنْ شُرَيْحٍ: أَنَّ مَوْلًى لِعَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ اشْتَرَى لِعَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ بَيْضًا مِنْ بَيْضِ النَّعَامِ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا بِدِرْهَمٍ، فَلَمَّا وَضَعَهُنَّ بَيْنَ يَدَيْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ كَسَرَ وَاحِدَةً، فَإِذَا هِيَ فَاسِدَةٌ، ثُمَّ ثَانِيَةً ثُمَّ ثَالِثَةً حَتَّى تَتَابَعَ مِنْهُنَّ فَاسِدَاتٌ، فَطَلَبَ الْأَعْرَابِيَّ فَخَاصَمَهُ إلَى شُرَيْحٍ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: أَمَّا مَا كَسَرَ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ بِهِ، وَأَمَّا مَا بَقِيَ فَأَنْتَ يَا أَعْرَابِيُّ بِالْخِيَارِ، إنْ شِئْت كَسَرُوا فَمَا وَجَدُوا فَاسِدًا رَدُّوهُ وَمَا وَجَدُوا طَيِّبًا فَهُوَ لَهُمْ بِالسِّعْرِ الَّذِي بِعْتهمْ بِهِ.
قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا حُكْمُ شُرَيْحٍ - فَالْمَالِكِيُّونَ، وَالْحَنَفِيُّونَ لَا يَأْخُذُونَ بِهِ وَلَا نَحْنُ، فَلَا مُتَعَلِّقَ لِلْمَالِكِيِّينَ بِهِ.
وَأَمَّا عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ فَقَدْ رَأَى الرَّدَّ فِي ذَلِكَ - وَهُوَ قَوْلُنَا - وَهُوَ صَاحِبٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَهُمْ يُعَظِّمُونَ مِثْلَ هَذَا إذَا وَافَقَ آرَاءَهُمْ.
وَأَمَّا الِاسْتِعْمَالُ، وَالْوَطْءُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، فَإِنَّهُ صَحَّ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ قَالَ إذَا وَطِئَ بَعْدَ مَا رَأَى الْمَعِيبَ أَوْ عَرَضَهَا عَلَى الْبَيْعِ، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ - وَهَذَا قَوْلُهُ فِي جَمِيعِ السِّلَعِ.
وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: سُكْنَى الدَّارِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِالْعَيْبِ، وَتَقْبِيلُ الْأَمَةِ لِشَهْوَةٍ، وَوَطْؤُهَا -: رِضًا بِالْعَيْبِ.

الصفحة 594