كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 7)

عَقِبَ اللَّفْظِ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ وَرَدَّهُ الشَّيْخُ بِأَنَّ الْمُوَافِقَ لِقَوْلِهِمْ فِي أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ شَهْرٍ بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَقَعَ آخِرَ جُزْءٍ مِنْ رَجَبٍ وُقُوعَهُ قُبَيْلَ الضَّرْبِ بِاللَّفْظِ السَّابِقِ وَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ فَحِينَئِذٍ يَقَعُ مُسْتَنِدًا إلَى آخِرِ اللَّفْظِ أَقْرَبُ إلَى الْأَوَّلِ بَلْ ظَاهِرٌ فِيهِ لِقَوْلِهِمَا مُسْتَنِدًا إلَى حَالِ اللَّفْظِ وَلَمْ يَقُولَا إلَى اللَّفْظِ وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَاسَ عَلَيْهِ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ ثَمَّ بِأَزْمِنَةٍ مُتَعَاقِبَةٍ كُلٌّ مِنْهَا مَحْدُودُ الطَّرَفَيْنِ فَيُقَيَّدُ الْوُقُوعُ بِمَا صَدَّقَهُ وَهُنَا بِفِعْلٍ وَلَا زَمَنَ لَهُ مَحْدُودٌ يُمْكِنُ التَّقْيِيدَ بِهِ فَتَعَيَّنَ الْوُقُوعُ مِنْ حِينِ اللَّفْظِ.

(أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (آخِرَهُ) أَيْ شَهْرِ كَذَا أَوْ انْسِلَاخِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (ف) يَقَعُ (بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ) لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ آخِرُهُ الْحَقِيقِيُّ (وَقِيلَ) يَقَعُ (بِأَوَّلِ النِّصْفِ الْآخِرِ) وَهُوَ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْهُ لَيْلَةَ سَادِسَ عَشْرَةَ إذْ كُلُّهُ آخِرُ الشَّهْرِ، وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ، وَلَوْ عَلَّقَ بِآخِرِ أَوَّلِ آخِرِهِ طَلُقَتْ أَيْضًا بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ لِأَنَّ آخِرَهُ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ وَأَوَّلَهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ فَآخِرُ أَوَّلِهِ الْغُرُوبُ وَهُوَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ، كَذَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّ الْأَوْلَى أَنَّهَا تَطْلُقَ قَبْلَ زَوَالِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ لِأَنَّهُ آخِرُ أَوَّلِهِ، وَوَقْتُ الْغُرُوبِ إنَّمَا هُوَ آخِرُ الْيَوْمِ لَا آخِرُ أَوَّلِهِ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِأَوَّلِ آخِرِهِ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْهُ أَوْ عَلَّقَ بِانْتِصَافِ الشَّهْرِ طَلُقَتْ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ الْخَامِسَ عَشْرَ، وَإِنْ نَقَصَ الشَّهْرُ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ عَلَّقَ بِنِصْفِ نِصْفِهِ الْأَوَّلِ طَلُقَتْ بِطُلُوعِ فَجْرِ الثَّامِنِ لِأَنَّ نِصْفَ نِصْفِهِ سَبْعُ لَيَالٍ وَنِصْفٌ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ وَنِصْفٌ وَاللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ فَيُقَابَلُ نِصْفُ اللَّيْلَةِ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَتُجْعَلُ ثَمَانُ لَيَالٍ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ نِصْفًا وَسَبْعُ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ نِصْفًا أَوْ عَلَّقَ بِنِصْفِ يَوْمِ كَذَا طَلُقَتْ عِنْدَ زَوَالِهِ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْيَوْمُ يُحْسَبُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ شَرْعًا وَنِصْفُهُ الْأَوَّلُ أَطْوَلُ أَوْ عَلَّقَ بِمَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ طَلُقَتْ بِالْغُرُوبِ إنْ عَلَّقَ نَهَارًا وَإِلَّا فَبِالْفَجْرِ، إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ وَجُزْءٍ مِنْ النَّهَارِ، إذْ لَا فَاصِلَ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ.

(وَلَوْ) (قَالَ لَيْلًا إذَا مَضَى يَوْمٌ) فَأَنْت طَالِقٌ (ف) تَطْلُقُ (بِغُرُوبِ شَمْسِ غَدِّهِ) إذْ بِهِ يَتَحَقَّقُ مُضِيُّ يَوْمٍ (أَوْ) قَالَهُ (نَهَارًا) بَعْدَ أَوَّلِهِ (فَفِي مِثْلِ وَقْتِهِ مِنْ غَدِهِ) لِأَنَّ الْيَوْمَ حَقِيقَةٌ فِي جَمِيعِهِ مُتَوَاصِلًا أَوْ مُتَفَرِّقًا، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَفْرِيقُ سَاعَاتِهِ لِأَنَّ النَّذْرَ مُوَسَّعٌ يَجُوزُ إيقَاعُهُ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ، وَالتَّعْلِيقُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوُقُوعُ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ ضَرَبْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ الضَّرْبِ وَلَمْ يُوجَدْ الضَّرْبُ فَلَا وُقُوعَ (قَوْلُهُ: عَقِبَ اللَّفْظِ) أَيْ وَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْوَطْءَ الْوَاقِعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَطْءُ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَلَا زَمَنَ لَهُ) عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا مِمَّا لَا يُقْطَعُ بِوُجُودِهِ ظَاهِرٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الشَّهْرَ الَّذِي بَعْدَهُ رَمَضَانُ مِمَّا يُقْطَعُ بِوُجُودِهِ.
[فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَشْتَرِي وَرْدًا فَهَلْ يَحْنَثُ بِشِرَاءِ زِرِّ الْوَرْدِ وَمَعْجُونِ الْوَرْدِ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الْحِنْثِ بِشِرَائِهِمَا لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ، وَالْعُرْفُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا إلَّا مُقَيَّدًا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ آخِرَهُ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ) الْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ فِي التَّعْلِيلِ إنَّ الْآخِرَ هُوَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ، وَالضَّمِيرُ فِي أَوَّلِهِ رَاجِعٌ لِلْآخِرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلَ آخِرِ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ وَلَمَّا لَمْ يَتَحَقَّقْ تَغَايُرٌ فِي الْخَارِجِ بَيْنَ آخِرِ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ وَأَوَّلِهِ أُوقِعَ بِالْجُزْءِ الْأَخِيرِ لِتَحَقُّقِهِ لِأَنَّهُ إنْ اُعْتُبِرَ لَهُ أَوَّلٌ فَذَلِكَ الْجُزْءُ هُوَ آخِرُ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ لَهُ أَوَّلٌ فَهُوَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَعَدُّدِ أَجْزَائِهِ وَفِي شَرْحِ الزُّبَدِ لِلْمَنُوفِيِّ: فَرْعٌ: قَالَ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ: لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ تَطْلُقُ وَاحِدَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ آخِرَ النَّهَارِ وَأَوَّلُهُ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهَا فِي الْأُولَى إذَا طَلُقَتْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ أَمْكَنَ سَحْبُ حُكْمِهَا عَلَى آخِرِهِ فَاقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ لِتَحَقُّقِهَا، بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّهَا إذَا طَلُقَتْ فِي آخِرِهِ لَا يُمْكِنُ سَحْبُ حُكْمِهَا عَلَى أَوَّلِهِ فَأَوْقَعْنَا بِهِ طَلْقَةً أُخْرَى اهـ. كَذَا حَكَاهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ) أَيْ فِي غَيْرِ شَرْحِ مَنْهَجِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الصفحة 14