كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 7)

وَالتَّنْكِيرِ لَكِنْ لَا يَتَأَتَّى هُنَا إلْغَاءٌ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فَيَقَعُ إذَا قَالَ إذَا مَضَى شَهْرٌ فَأَنْت طَالِقٌ بِمُضِيٍّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَمِنْ لَيْلَةِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ أَوْ يَوْمِهِ بِقَدْرِ مَا سَبَقَ مِنْ التَّعْلِيقِ مِنْ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ فَإِنْ اتَّفَقَ تَعْلِيقُهُ فِي أَوَّلِ الْهِلَالِ وَقَعَ بِمُضِيِّهِ تَامًّا أَوْ نَاقِصًا وَلَعَلَّ الْمُرَادَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا تَمَّ التَّعْلِيقُ أَوْ اسْتَعْقَبَهُ أَوَّلُ النَّهَارِ، أَمَّا لَوْ ابْتَدَأَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ فَقَدْ مَضَى جُزْءٌ قَبْلَ تَمَامِهِ فَلَا يَقَعُ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ، وَإِذَا قَالَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ إذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ أَحَدَ عَشْرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ مَعَ إكْمَالِ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّالِثَ عَشْرَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَهَذَا عِنْدَ إرَادَتِهِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ ادَّعَى إرَادَةَ الْفَارِسِيَّةِ أَوْ الرُّومِيَّةِ دِينَ.
نَعَمْ إنْ كَانَ بِبِلَادِ الرُّومِ أَوْ الْفُرْسِ فَيَنْبَغِي قَبُولُ قَوْلِهِ، وَلَوْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ سَنَةً بَقِيَّتَهَا فَقَدْ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ بِقَوْلِهِ إذَا مَضَتْ السَّنَةُ سَنَةً كَامِلَةً دِينَ، أَوْ إذَا مَضَى الشَّهْرُ أَوْ قَالَ السَّنَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ بَقِيَّةِ ذَلِكَ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ، أَوْ السَّنَةِ أَوْ قَالَ فِي الْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ شَهْرٍ إذَا مَضَى شَهْرٌ فَأَنْتِ طَالِقُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ أَوَّلِهِ وَأَرَادَ مَا بَعْدَ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَعْقَبَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فَإِنَّهُ اتَّفَقَ تَعْلِيقُهُ فِي أَوَّلِ الْهِلَالِ وَقَعَ خِلَافُهُ فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ أَوَّلَ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: بِغُرُوبِ شَمْسِهِ) أَيْ بَلْ يُكْمِلُ مِمَّا يَلِيهِ (قَوْلُهُ: بِبِلَادِ الرُّومِ أَوْ الْفُرْسِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُومِيًّا وَلَا فَارِسِيًّا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ سَنَةٌ بَقِيَّتَهَا) وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا مَضَتْ السُّنُونَ فَهَلْ تَطْلُقُ بِمُضِيِّ ثَلَاثٍ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ دُونَ سَنَةٍ، أَوْ لَا تَطْلُقُ إلَّا بِمُضِيِّ ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ حَلِفِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِأَنَّهُ أَقَلُّ مُسَمَّى الْجَمْعِ وَلَيْسَ ثَمَّ مَعْهُودٌ شَرْعِيٌّ يُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ لِعَدَمِ تَوَهُّمِ إرَادَتِهِ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: دِينَ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ هَذَا فِي إذَا مَضَى الْيَوْمُ أَوْ الشَّهْرُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ السَّنَةِ) بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ: فَرْعٌ: سُئِلَ شَيْخُنَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى تَمَامِ سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَأَلْفٍ مَثَلًا مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِمُضِيِّ ذِي الْحِجَّةِ خِتَامَ تِلْكَ السَّنَةِ أَوْ لَا يَقَعُ إلَّا بِمُضِيِّ الْمُحَرَّمِ وَصَفَرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ مِنْ رَبِيعٍ لِأَنَّهُ أَوَّلُ عَامِ الْهِجْرَةِ فِي الْحَقِيقَةِ؟ فِيهِ تَوَقُّفٌ، وَوَجْهُ التَّوَقُّفِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ مُحَقَّقَةٌ لَا تُزَالُ إلَّا بِيَقِينٍ، وَلَا يَقِينَ إلَّا بِمُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا الْهِجْرَةُ حَقِيقَةً وَهِيَ أَثْنَاءُ رَبِيعٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقَعَ عِنْدَ تَمَامِ الْحِجَّةِ مِنْ السَّنَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَرَّخُوا السَّنَةَ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ وَلَمْ يُؤَرِّخُوهَا بِرَبِيعٍ حَرَّرَهُ اهـ.
كَذَا نُقِلَ بِهَامِشٍ عَنْ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْبَابِلِيِّ. أَقُولُ: وَالثَّانِي هُوَ الْمُتَعَيَّنُ الَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدِهِ فِيهِ لِأَنَّ هَذَا صَارَ هُوَ الْمُتَيَقَّنُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ وَلَا نَظَرَ لِغَيْرِهِ، وَإِطْبَاقُهُمْ فِي التَّارِيخِ عَلَى أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ وَتَصْرِيحُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّهُمْ أَلْغَوْا الْكَسْرَ مِنْ السَّنَةِ الْأُولَى وَجَعَلُوا بَقِيَّتَهَا مِنْهُ، فَصَارَ أَوَّلُ كُلِّ سَنَةٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ هُوَ الْمُحَرَّمُ فَأَشْبَهَ الْمَنْقُولَاتِ الشَّرْعِيَّةِ كَالصَّلَاةِ الْمَوْضُوعَةِ شَرْعًا لِلْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي لَا يَحْنَثُ إلَّا بِذَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِأَنَّهَا مُسَمَّى الصَّلَاةِ شَرْعًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ مَا يُخَالِفُهُ

(قَوْلُهُ: فَيَقَعُ إذَا قَالَ إذَا مَضَى شَهْرٌ إلَخْ.) هَذِهِ صُورَةُ التَّنْكِيرِ وَسَتَأْتِي صُورَةُ التَّعْرِيفِ بِمَا فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ فِي إذَا مَضَى شَهْرٌ إلَخْ.) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ يَوْمٌ بَدَلَ شَهْرٍ، وَهُوَ الَّذِي مَرَّ فِي الْمَتْنِ آنِفًا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ هُنَا مَعَ مَسْأَلَةِ شَهْرٍ فَإِنَّهُ نَقَلَ تَصْوِيرَ مَسْأَلَةِ شَهْرِ الْمُنَكَّرِ بِنَحْوِ مَا فِي الشَّارِحِ هُنَا عَنْ الرَّافِعِيِّ إلَى قَوْلِهِ تَامًّا أَوْ نَاقِصًا، ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ: وَهُوَ يُفْهِمُ أَنَّهُ إذَا اتَّفَقَ قَوْلُهُ: فِي ابْتِدَاءِ شَهْرٍ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِهِ ثُمَّ قَالَ: وَمِثْلُهُ فِي صُورَةِ إذَا مَضَى يَوْمٌ أَنَّهُ إذَا انْطَبَقَ التَّعْلِيقُ عَلَى أَوَّلِ النَّهَارِ طَلُقَتْ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَعَلَّ مُرَادَهُ: أَيْ الرَّافِعِيِّ مَا إذَا تَمَّ التَّعْلِيقُ وَاسْتَعْقَبَهُ أَوَّلُ النَّهَارِ وَإِلَّا فَمَتَى ابْتَدَأَ التَّعْلِيقُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، فَيَكُونُ قَدْ مَضَى جُزْءٌ مِنْ الْيَوْمِ قَبْلَ تَمَامِ التَّعْلِيقِ، فَيَنْكَسِرُ الْيَوْمُ فَلَا يَقَعُ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ إذَا مَضَى شَهْرٌ) هَذَا هُوَ صُورَةُ التَّعْرِيفِ فِي الْمَتْنِ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ

الصفحة 16