كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 7)

لِاسْتِحَالَةِ قَطْعِهِمَا بِمَالِهِ دُونَ قَطْعِهِ بِمَالِهِمَا.

(وَتَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَةِ) فَيُقْطَعُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا إقْرَارٌ حُكْمًا وَهَذَا مَا ذَكَرَاهُ هُنَا، لَكِنَّهُمَا جَزَمَا فِي الدَّعَاوَى مِنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِعَدَمِ الْقَطْعِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِهَا، وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَاحْتَجَّ لَهُ بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ثُبُوتِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ وَهَمٌ؛ إذْ ثُبُوتُهُ لَا خِلَافَ فِيهِ (وَبِإِقْرَارِ السَّارِقِ) بَعْدَ دَعْوَى إنْ فَصَّلَهُ بِمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ بِهَا، وَلَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ قَبُولِ الْإِطْلَاقِ مِنْ مُقِرٍّ فَقِيهٍ مُوَافِقٍ لِلْقَاضِي فِي مَذْهَبِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ إذْ كَثِيرٌ مِنْ مَسَائِلِ الشُّبْهَةِ وَالْحِرْزِ وَقَعَ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ الْوَاحِدِ فَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ التَّفْصِيلِ مُطْلَقًا كَنَظِيرِهِ فِي الزِّنَى أَمَّا إقْرَارُهُ قَبْلَ تَقَدُّمِ دَعْوَى فَلَا يُقْطَعُ بِهِ حَتَّى يَدَّعِيَ الْمَالَ، وَيَثْبُتَ الْمَالُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ شَهِدَا بِسَرِقَةِ مَالِ غَائِبٍ أَوْ حَاضِرٍ حِسْبَةً قُبِلَا، وَلَا قَطْعَ حَتَّى يَدَّعِيَ الْمَالِكُ بِمَالِهِ ثُمَّ تُعَادَ الشَّهَادَةُ لِثُبُوتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ لَا الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهَا وَإِنَّمَا اُنْتُظِرَ لِوُقُوعِ ظُهُورِ مُسْقِطٍ وَلَمْ يَظْهَرْ.

(وَالْمَذْهَبُ قَبُولُ رُجُوعِهِ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ كَالزِّنَى لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ دُونَ الْمَالِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِقَبُولِ رُجُوعِهِ) فَلَا يُقْطَعُ، وَفِي الْغُرْمِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا وُجُوبُهُ، وَفِي طَرِيقٍ ثَالِثٍ الْقَطْعُ بِوُجُوبِ الْغُرْمِ أَيْضًا.

(وَمَنْ) (أَقَرَّ بِعُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى) أَيْ بِمُوجِبِهَا كَزِنًى وَسَرِقَةٍ وَشُرْبِ مُسْكِرٍ وَلَوْ بَعْدَ دَعْوَى (فَالصَّحِيحُ أَنَّ لِلْقَاضِي) أَيْ يَجُوزُ لَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، لَكِنْ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إشَارَةٌ إلَى نَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى نَدْبِهِ، وَحَكَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSانْتِزَاعُهُ مِنْهُ نُزِعَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَةِ) ضَعِيفٌ
(قَوْلُهُ:؛ إذْ ثُبُوتُهُ) أَيْ الْمَالِ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ) أَيْ الْإِقْرَارُ
(قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ التَّفْصِيلِ مُطْلَقًا) أَيْ فَقِيهًا أَوْ غَيْرَهُ
(قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الْمَالُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا الْأَخْذُ بِأَنَّ قَضِيَّةَ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ لِثُبُوتِ الْمَالِ لَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ، بِخِلَافِهِ فِي الْمَأْخُوذِ فَإِنَّ فِيهِ إقْرَارًا، وَالْمَالُ يَثْبُتُ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهَا) قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ السَّرِقَةَ تَثْبُتُ قَبْلَ الدَّعْوَى فَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى التَّرْتِيبِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي ثُمَّ ثُبُوتُ السَّرِقَةِ بِشُرُوطِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مُخَصِّصٌ لِلتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ أَوْ بِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ ثُبُوتَ السَّرِقَةِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
[فَرْعٌ] لَوْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ رَجَعَ ثُمَّ كَذَّبَ رُجُوعَهُ، قَالَ الدَّمِيرِيِّ: لَا يُقْطَعُ، وَلَوْ أَقَرَّ بِهَا ثُمَّ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ثُمَّ رَجَعَ، قَالَ الْقَاضِي: سَقَطَ عَنْهُ الْقَطْعُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الثُّبُوتَ كَانَ بِالْإِقْرَارِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الزِّنَى عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ، كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى حَجّ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهِمَا خِلَافُهُ عِنْدَ م ر فِيمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إلَخْ.) أَهْمَلَ ذِكْرَ الْقَوْلِ الثَّانِي مِنْ الطَّرِيقِ الْحَاكِيَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا فِي الْمَتْنِ.
وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ عَقِبَ الْمَتْنِ وَفِي قَوْلٍ لَا كَالْمَالِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَجْهُ إسْقَاطُ الْأَحْكَامِ وَلَيْسَ هُوَ فِي التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ ابْنُ قَاسِمٍ هَذَا الْأَخْذَ بِأَنَّ قَضِيَّةَ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ لِثُبُوتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ، بِخِلَافِهِ فِي الْمَأْخُوذِ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ وَالْمَالُ يَثْبُتُ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا لِلْقَطْعِ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ السَّرِقَةَ تَثْبُتُ قَبْلَ الدَّعْوَى.
وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى التَّرْتِيبِ فِي قَوْلِهِ: أَيْ ابْنِ حَجَرٍ الْآتِي ثُمَّ ثُبُوتُ السَّرِقَةِ بِشُرُوطِهَا.
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا تَخْصِيصٌ لِلتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ أَوْ بِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ ثُبُوتَ السَّرِقَةِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْجَوَابَ الثَّانِي لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِهِ دَعْوَى الْمَالِكِ أَوْ وَلِيِّهِ أَوْ وَكِيلِهِ

الصفحة 463