كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 7)

زَائِدَةً قُطِعَتْ وَإِنْ فُقِدَتْ أَصَابِعُهَا، وَتُعْرَفُ الزَّائِدَةُ بِنَحْوِ نَقْصِ أُصْبُعٍ وَضَعْفِ بَطْشٍ وَفُحْشِ قِصَرٍ (وَبَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ قَطْعِ الْأَرْبَعِ إذَا سَرَقَ أَوْ سَرَقَ أَوَّلًا، وَلَا أَرْبَعَ لَهُ (يُعَزَّرُ) لِعَدَمِ وُرُودِ شَيْءٍ فِيهِ وَخَبَرُ قَتْلِهِ مُنْكَرٌ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ يَكُونُ مَنْسُوخًا أَوْ مَحْمُولًا عَلَى قَتْلِهِ بِزِنًى أَوْ اسْتِحْلَالٍ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا بَعْضُ الْأَرْبَعِ فَيُقْطَعُ فِي الْأُولَى مَا يُقْطَعُ فِي الثَّانِيَةِ بَلْ الرَّابِعَةُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا رِجْلٌ يُمْنَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُوجَدْ مَا قَبْلَهَا تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِهَا.

(وَيُغْمَسُ) نَدْبًا (مَحَلُّ قَطْعِهِ) (بِزَيْتٍ) خُصَّ كَأَنَّهُ لِكَوْنِهِ أَبْلَغَ (أَوْ دُهْنٍ) آخَرَ (مُغْلًى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ لِصِحَّةِ الْأَمْرِ بِهِ، وَلِأَنَّهُ يَسُدُّ أَفْوَاهَ الْعُرُوقِ فَيَنْحَسِمُ الدَّمُ وَخَصَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْحَضَرِيِّ، أَمَّا الْبَدَوِيُّ فَيُحْسَمُ بِالنَّارِ؛ لِأَنَّهُ عَادَتُهُمْ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ عَادَةِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ ثَمَّ (قِيلَ هُوَ) أَيْ الْحَسْمُ (تَتِمَّةٌ لِلْحَدِّ) فَيَلْزَمُ الْإِمَامَ فِعْلُهُ هُنَا لَا فِي الْقَوَدِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَزِيدَ إيلَامٍ يُحْمَلُ الْمَقْطُوعُ عَلَى تَرْكِهِ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَقْطُوعِ) ؛ لِأَنَّهُ تَدَاوٍ يُدْفَعُ بِهِ الْهَلَاكُ بِسَبَبِ نَزْفِ الدَّمِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى فِعْلِهِ (فَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ) هُنَا وَكَذَا عَلَى الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَجْعَلْهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَأُجْرَةِ الْجَلَّادِ (وَلِلْإِمَامِ إهْمَالُهُ) مَا لَمْ يُفْضِ تَرْكُهُ لِتَلَفِهِ لِتَعَذُّرِ فِعْلِهِ مِنْ الْمَقْطُوعِ بِنَحْوِ إغْمَاءٍ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَعَلَيْهِ لَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ لَزِمَ كُلَّ مَنْ عَلِمَ بِهِ وَلَهُ قُدْرَةٌ عَلَى ذَلِكَ فِعْلُهُ بِهِ كَمَا لَا يَخْفَى.

(وَتُقْطَعُ الْيَدُ مِنْ كُوعٍ) لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْكَفِّ؛ وَلِذَا وَجَبَتْ فِيهِ الدِّيَةُ (وَ) تُقْطَعُ (الرِّجْلُ مِنْ مَفْصِلِ الْقَدَمِ) وَهُوَ الْكَعْبُ كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ.

(وَمَنْ سَرَقَ مِرَارًا بِلَا قَطْعٍ) لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى حَدٍّ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا (كَفَتْ يَمِينُهُ) عَنْ الْكُلِّ لِاتِّحَادِ السَّبَبِ فَتَدَاخَلَتْ لِوُجُودِ الْحِكْمَةِ وَهِيَ الزَّجْرُ، وَكَذَا لَوْ زَنَى بِكْرًا أَوْ شَرِبَ مِرَارًا وَإِنَّمَا تَعَدَّدَتْ فِدْيَةُ نَحْوِ لُبْسِ الْمُحْرِمِ؛ لِأَنَّ فِيهَا حَقًّا لِلْآدَمِيِّ بِاعْتِبَارِ غَالِبِ مَصْرِفِهَا وَلَا كَذَلِكَ هُنَا، وَلَوْ سَرَقَ بَعْدَ قَطْعِ الْيُمْنَى مِرَارًا كَفَى قَطْعُ الرِّجْلِ عَنْ الْكُلِّ، وَهَكَذَا عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَرَّرَ، وَيَكْفِي قَطْعُ الْعُضْوِ الْمُتَوَجَّهِ قَطْعُهُ مِنْ يَدٍ أَوْ غَيْرِهَا.

(وَإِنْ نَقَصَتْ أَرْبَعُ أَصَابِعَ قُلْتُ) أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَكَذَا) تُجْزِئُ (لَوْ) (ذَهَبَتْ الْخَمْسُ) الْأَصَابِعُ مِنْهَا (فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِطْلَاقِ اسْمِ الْيَدِ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ مَعَ وُجُودِ الزَّجْرِ بِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْإِيلَامِ وَالتَّنْكِيلِ، وَإِنْ سَقَطَ بَعْضُ كَفِّهَا أَيْضًا.

(وَتُقْطَعُ يَدٌ) أَوْ رِجْلٌ (زَائِدَةٌ أُصْبُعًا) فَأَكْثَرَ (فِي الْأَصَحِّ) لِشُمُولِ اسْمِ الْيَدِ لَهَا، وَفَارَقَ الْقَوَدَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمُسَاوَاةُ، وَالثَّانِي لَا بَلْ يُعْدَلُ إلَى الرِّجْلِ.

(وَلَوْ سَرَقَ فَسَقَطَتْ يَمِينُهُ بِآفَةٍ) أَوْ قَوَدٍ أَوْ ظُلْمًا أَوْ شُلَّتْ وَخُشِيَ مِنْ قَطْعِهَا نَزْفُ الدَّمِ (سَقَطَ الْقَطْعُ) وَلَمْ تُقْطَعْ الرِّجْلُ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِعَيْنِهَا فَسَقَطَ بِفَوَاتِهَا (أَوْ) سَقَطَتْ (يَسَارُهُ) بِذَلِكَ مَعَ بَقَاءِ يَمِينِهِ (فَلَا)
ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ ذَلِكَ يُعَزَّرُ) فِي الْعُبَابِ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ، وَظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ.

(قَوْلُهُ: وَخَصَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْحَضَرِيِّ) ضَعِيفٌ
(قَوْلُهُ: لَزِمَ كُلَّ مَنْ عَلِمَ بِهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْإِمَامِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى حَدٍّ وَاحِدٍ) أَيْ وَإِنْ عُلِمَتْ السَّرِقَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَلَمْ يُقْطَعْ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَعَدَّدَتْ) أَيْ كَأَنْ لَبِسَ أَوَّلًا ثُمَّ بَعْدَ نَزْعِ الثَّوْبِ أَوْ الْعِمَامَةِ أَعَادَ اللُّبْسَ ثَانِيًا.

(قَوْلُهُ وَلَوْ سَرَقَ فَسَقَطَتْ يَمِينُهُ بِآفَةٍ) أَفْهَمَ أَنَّهَا لَوْ فُقِدَتْ قَبْلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِيَةَ تُقْطَعُ بِسَرِقَةٍ ثَانِيَةٍ وَقَدْ شَمَلَهُ مَا بَعْدَهُ وَصَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: مُنْكِرٌ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مُنْكَرٌ لَا أَصْلَ لَهُ انْتَهَتْ.
وَهِيَ قَدْ تُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُنْكَرِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَهُوَ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ غَيْرُ الثِّقَةِ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بَعْدُ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ وَلَمْ يَقُلْ وَبِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ قَدْ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُنْكَرُ بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ

الصفحة 467